سجدَ سجودًا أطولَ منه" (١)، وكذلك ثبت بطوله من حديث أبي موسى، وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهم-، وقد تقدم نقلنا له عن مختصر "البويطي"، وهو من أجل أو أجل منصوصات الشافعي في كتبه الجديدة، والذي ذكره أبو إسحاق الشيرازي - رحمه الله - من عدم ذكر الشافعي له إنما أراد في "مختصر المزني" فقط، لا غيره، والله أعلم.
ومنها: شرعية الخطبة بعد صلاة الكسوف؛ لقولها: "فخطب الناس، فحمِدَ الله وأثنى عليه"، وهو ظاهر الدلالة في أن لصلاة الكسوف خطبة، وبه قال الشافعي، وابن جرير، وفقهاء أصحاب الحديث، قالوا: استحب بعدها خطبتان، ولم ير ذلك مالك وأبو حنيفة وأحمد، وقال بعض أتباع مالك: لا خطبة لها، ولكن يستقبلهم، ويذكرهم، وهذا خلاف الظاهر من الحديث؛ لأنه ابتدأ بما يبتدئ به الخطيب من الحمد لله والثناء عليه، وما ذكر من أن المقصود الإخبار بأنهما: "آيتان من آيات الله" إلى آخره ردًّا على من قال: "إنهما ينكسفان لموت عظيم"، وقد قالوه عند موت إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم -رضي الله عنه-، والإخبار عن الجنة والنار؛ حيث رآهما، وذلك يخصه - صلى الله عليه وسلم - دون غيره، كله ضعيف؛ فإن الخطب لا تنحصر مقاصدها بما يخص الخطيب، بل ما ذكر مطلوب للخطيب وغيره؛ فإن الحمد والثناء والموعظة شامل لذكر الجنة والنار، وكونهما آيتين من آيات الله، وذلك بعض مقاصد الخطبة؛ لأن المقصود لو سلم خصوصيته - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
ومنها: أن خطبة الكسوف لا تفوت بالانجلاء، بخلاف الصلاة.
ومنها: أن الخطبة يكون استفتاحها بالحمد لله تعالى، والثناء عليه دون شيء اَخر من الذكر والبسملة وغيرهما، ومذهب الشافعي وأحمد: أن لفظة الحمد لله متعينة، فلو قال معناها، لم تصح خطبته.
ومنها: شرعية صلاتها لخسوف القمر ككسوف الشمس في جماعة، وبه قال
(١) رواه البخاري (١٠٠٣)، كتاب: الكسوف، باب: طول السجود في الكسوف.