للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي وفقهاء أصحاب الحديث، وروي عن جماعة من الصحابة وغيرهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا رأيتم ذلك، فصلُّوا" بعد ذكرهما من غير تفصيل في جماعة أو فرادى، وقد فعلها - صلى الله عليه وسلم - في جماعة في كسوف الشمس، فدل على أن كسوف القمر كذلك، وقال مالك وأبو حنيفة: لا تسن الجماعة في كسوف القمر، ولا أن تكون هيئتها كهيئة كسوف الشمس من تكرار الركوع وتطويلها، بل تسن صلاتها ركعتين فرادى كسائر الصلوات، والله أعلم.

ومنها: جواز فعلها في أوقات الكراهة وغيرها عند رؤية الكسوف أيَّ وقت كان؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بها إذا رأوا كسوفها، وهو عام في كل وقت، وهو مذهب الشافعي وغيره، واختلف مذهب مالك في ذلك، فظاهر مذهبه: أنها لا تفعل إلا بعد جواز النافلة إلى الزوال، وقيل في مذهبه -أيضًا-: إنها لا تفعل إلا بعد صلاة العصر، ومنطوقُ الحديث بعمومه يردُّ ذلك.

ومنها: استحباب الصدقة عند رؤية الكسوف، وكذلك يستحب عند كل المخاوف؛ لاستدفاع البلاء والمحاذر.

ومنها: استحباب الدعاء والتوجه إلى الله تعالى واللجوء إليه عند المخاوف والشدائد، ولا شك أن الدعاء في الرجاء مطلوب للشرع بكونه سببًا لدفع البلاء والشدائد؛ فإنه ثبت في الصحيح مرفوعًا: "تَعَرَّفْ إلى الله في الرخاء يعرفْكَ في الشَّدةِ" (١)، وروى الترمذي من رواية أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أرادَ أن يستجيبَ اللهُ دعاءه عندَ الكَرْبِ والشدائد، فلْيُكْثِرْ من الدعاءِ في الرَّخاء" (٢).


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٠٧)، وعبد بن حميد في "مسنده" (٦٣٦)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١١٥٦٠)، والحاكم في "المستدرك" (٦٣٠٣)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣١٤)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٧٤٥)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٥٧٤)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) رواه الترمذي (٣٣٨٢)، كتاب: الدعوات، باب: ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، وأبو يعلى في "مسنده" (٦٣٩٦)، والحاكم في "المستدرك" (١٩٩٧)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (١/ ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>