للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنه ينبغي ألا يفخم الإنسان نفسه، ولا يعظمها بالوصف المتصف به، بل يذكر نفسه باسمه الموضوع له؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الخطبة: "يا أمة محمد! "، وكرره من غير أن يضيفهم إلى نبوته، ولا رسالته، ولا ياء الإضافة، كل ذلك تواضعًا وأدبًا، والله أعلم.

ومنها: الحث على اجتناب الزنا والمعاصي، وتفخيم العقوبة عليها وقبحها عند الله تعالى، ولا شك أن الزنا من الكبائر، لا يكفر بفعله كفرًا يخرجه عن الإسلام إلا أن يعتقد حلَّه، فيكفر إجماعًا، وينبغي اجتناب المعاصي كلِّها صغيرِها وكبيرها؛ فإنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحْقِرَنَّ أحدكم صغيرَ الذنبِ، فربما به دخلَ النارَ" (١)، وكذلك لا ينبغي أن يحقر من الخير شيئًا؛ فإنه ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحقرنَّ من المعروفِ شيئًا ولو أن تَلْقى أخاكَ بوجهٍ طَليقٍ" (٢)، والجامع لذلك كله قوله -سبحانه وتعالى-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧، ٨]، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٠].

ومنها: الحث على قلة الضحك وكثرة البكاء، والتحقق بما الإنسان صائرٌ إليه، وما هو فيه، ولا شك أن كثرة الضحك وقلة البكاء مذمومان للشرع؛ فإنهما يدلان على قسوة القلب، وكثرة البطر، ومن الضحك ما هو محمود، وهو ما اقترن به مقصود شرع من تعجب بنعم الله تعالى، أو فرح للمسلمين، أو تجلد على الكافرين والمنافقين، ونحو ذلك، ومن البكاء ما هو مذموم؛ كالبكاء لإظهار الجزع، أو للرياء، أو لإضعاف المؤمنين، أو تحزنًا على المنافقين، أو


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٤٠٢)، والطيالسي في "مسنده" (٤٠٠)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٥٠٠)، وفي "المعجم الأوسط" (٢٥٢٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٨٧)، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه".
(٢) رواه مسلم (٢٦٢٦)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء، عن أبي ذر -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>