حيث لا تعلق لأحد به من موعظة أو تعلم أو مخاطبة، والله أعلم.
وأما تحويل الرداء، فهو من باب التفاؤل وانقلاب الحال من الشدة إلى السعة.
وقوله:"ثم صلَّى ركعتين جهرَ فيهما بالقراءة" ظاهره أنه صلى بعد الدعاء وتحويلِ الرداء، وإن كانت ثم استعملت لغير الترتيب في عطف الجمل بعضها على بعض، وإن كان ما بعدها متقدمًا على المذكور في قوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} الآية إلى قرله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}[الأنعام: ١٥٤] الآية.
وقد قال بتقديم الخطبة فيها على الصلاة: الليثُ بن سعد، ومالك، لكن مالكًا رجع عنه، وقال بتقديم الصلاة على الخطبة، وهو مذهب الشافعي وجمهور العلماء، والأحاديث بعضها يقتضي تقدم الصلاة على الخطبة، وبعضها يقتضي عكسه، واختلفت الرواية في ذلك عن الصحابة -رضي الله عنهم-.
ولم يذكر في صلاة الاستسقاء في هذا الحديث التكبيرات الزوائد كما في صلاة العيد، وقد قال به الشافعي، وابن جرير، وروي عن ابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، وقال الجمهور: لا يكبر، واختلفت الرواية في ذلك عن أحمد، وخيره داود بين التكبير وتركه.
واحتج الشافعي ومن قال بقوله بما رواه أبو داود من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُتَبَذِّلًا متواضعًا متضرعًا حتى أتى المصلى، فرقي المنبر، ولم يخطُبْ خُطَبَكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء فيه والتضرع والتكبير، ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد"، وقد أخرج هذا الحديث الترمذيُّ، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح (١)، لكن قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في "جرحه
(١) رواه أبو داود (١١٦٥)، كتاب: الصلاة، باب: جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها، والنسائي (١٥٢١)، كتاب: الاستسقاء، باب: كيف صلاة الاستسقاء؟ والترمذي (٥٥٨)، =