للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعديله" (١): إن راوي هذا الحديث إسحاقُ بن عبد الله بن كنانة عن ابن عباس، وأبي هريرة، مرسل، وبتقدير صحته واتصاله لا تنتهض الحجة به على التكبيرات الزوائد؛ فإن التشبيه بالشيء يصدق من بعض الوجوه، ولا يلزم من كلها إلا في شبيه ومثيل؛ للمبالغة التي فيها؛ فإن العرب تقول: زيد كالأسد، وكالبحر، وكالشمس، يريد بذلك أنه يشبهه في وجه من الوجوه، وقد روى هذا الحديث الدارقطني، وقال فيه: "صلى ركعتين، كبر في الأولى سبعَ تكبيرات، وقرأ في الأولى: سبح اسمَ ربك الأعلى، وقرأ في الثانية: هل أتاك حديث الغاشية، وكبر خمس تكبيرات" (٢)، وهذا نص، غير أن في إسناد هذا الطريق محمدَ بنَ عمرَ بنِ عبدِ العزيز بنِ عبدِ الرحمن بنِ عوف، وهو ضعيف، مع أن الجمهور تأولوا الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: أنه صلى كما صلى في العيد، على أن المراد في العدد للركعتين، وللجهر بالقراءة، وفي كونها قبل الخطبة، والله أعلم.

وأما قوله: "جهر فيهما بالقراءة"، وفي كونهما قبل الخطبة، والله أعلم، فلم يذكر في مسلم، بل هو في البخاري، فينكر على المصنف بإطلاقه من غير تبيين، وأجمع العلماء على استحباب الجهر بالقراءة فيهما، بخلاف كسوف الشمس؛ فإنه يستحب الإسرارُ فيها، وأما الخطبة، فقال مالك والشافعي: ويُخطب فيها خطبتان، يجلس في أولاهما، وفي وسطهما، وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وعبد الرحمن بن مهدي: يخطب خطبةً واحدةً لا جلوس فيها، وخيره الطبري.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء؛ وأنه سنة، وقال أصحاب الشافعي: يخرجون إلى الصحراء؛ لأنه أبلغ في الافتقار والتواضع، ولأنها أوسع


= كتاب: العيدين، باب: ما جاء في صلاة الاستسقاء.
(١) انظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٢/ ٢٢٦).
(٢) رواه الدارقطني في "سننه" (٢/ ٦٦)، والحاكم في "المستدرك" (١٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>