للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للناس؛ لأنها يحضرها الناس كلهم، فلا يسعهم المصلى ولا المسجد الجامع.

واعلم أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى للاستسقاء المذكور في أول شهر رمضان سنة ست من الهجرة.

ومنها: أن السنة في صلاته الجماعة، وقال أبو حنيفة: لا تشرع له صلاة فضلًا عن الجماعة، ولكن يستسقى بالدعاء، وقال سائر العلماء من السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم حتى أصحاب أبي حنيفة كلهم: يصلي للاستسقاء ركعتين بجماعة، واستدل لأبي حنيفة باستسقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر يوم الجمعة من غير صلاة، قالوا: لو كانت سنة، لما تركها، وأجاب الجمهور عن هذا: بأنه كان في صلاة الجمعة، وهي عقب الاستسقاء بالدعاء في خطبتها، فاكتفى بها بيانًا لجواز مثل هذا، وقد أجمع أهل العلم على أن الاستسقاء سنة، لكن قالوا: هو مشروع على ثلاثة أنواع:

أحدها: الاستسقاء بالدعاء من غير صلاة.

الثاني: الاستسقاء في خطبة الجمعة، أو في إثر صلاة مفروضة، وهو أفضل من النوع الذي قبله.

الثالث: وهو أكملها: أن يكون بصلاة ركعتين، وخطبتين، وهو الذي خالف فيه أبو حنيفة، قال أصحاب الشافعي: ويتأهب قبله بصدقة وصيام وتوبة، وإقبال على الخير ومجانبة الشر، ونحو ذلك من طاعة الله تعالى.

ومنها: استحباب [تحويل] الرداء وقلبه في أثناء الخطبة، قال أصحاب الشافعي: يحوله في نحو ثلث الخطبة الثانية حين يستقبل القبلةَ فيها، وجمهورُ العلماء على أن تحويله سنة، وأنكره أبو حنيفة، وصعصعة بن سلام من قدماء العلماء بالأندلس، وهذا الحديث وغيره حجة عليهم، قال أصحاب الشافعي: يستحب أيضًا للمأمومين كما يستحب للإمام، وبه قال مالك وغيره، وخالف فيه جماعة من العلماء.

ثم الذين قالوا بالتحويل اختلفوا، فمنهم من قال: إنه يرد ما على يمينه على

<<  <  ج: ص:  >  >>