للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما في رفع اليدين في الدعاء مطلقًا في أواخر باب: صفة الصلاة، منه (١)، والله أعلم.

قوله: "ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعة"، المراد بالسماء هنا: الفضاء المرتفع بين السماء والأرض، والسحابُ معروف، والقَزَعة -بفتح القاف والزاي- وهي: القطعةُ من السحاب، وجمعها قَزَع؛ كقصبة وقَصَب، قال أبو عبيد: وأكثر ما يكون في الخريف، ومنه أخد القزع في الرأس، وهو: حلقُ بعضِ رأس الصبي وتركُ بعضه (٢).

قوله: "وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار":

قوله: "من بيت ولا دار"هو تأكيد لقوله: وما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة؛ لأنه أخبر أن السحابة طلعت من وراء سلع، فلو كان بينه وبينهم دار، لأمكن أن تكون السحابة والقزعة موجودة حال بينهم وبينها ما بينهم وبين سلع من دار لو كانت، وسَلْع -بفتح السين المهملة وسكون اللام-، وهو جبل بقرب المدينة من غربها (٣)، والمقصود بهذا كله الإخبارُ عن معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعظيمِ كرامته على الله -سبحانه وتعالى- بإنزال المطر سبعة أيام متوالية من غير تقدم سحاب ولا قزع ولا سبب آخر، لا ظاهر، ولا باطن، سوى سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي نحن مشاهدون له - صلى الله عليه وسلم - ولسلع وللسماء، وليس هناك سبب للمطر أصلًا.

وقوله: "ثم أمطرت"، يقال: مَطَرت، وأَمطرت، في المطر، وهذا الحديث دليل لجواز أمطر -بالألف-، وهو المختار عند المحققين من أهل اللغة، وقال بعضهم: لا يقال: أمطرت -بالألف- إلا في العذاب؛ كقوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: ٨٢]، والمشهور الأول، ولفظة أمطرت: تطلق في الخير


(١) انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٣/ ٤٦٩) وما بعدها.
(٢) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٣/ ٤٤٠).
(٣) انظر: "معجم البلدان" لياقوت الحموي (٣/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>