للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشر، وتعرف بالقرينة، قال الله تعالى: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: ٢٤]، وهذا من أمطر، والمراد به: المطر في الخير؛ لأنهم ظنوه خيرًا، فقال الله تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ} (١) [الأحقاف: ٢٤].

وقوله: "ما رأينا الشمس سبتًا"؛ أي: جمعة، وقد بين في رواية أخرى، والمراد به: سبعة أيام، أولها يوم الجمعة ويوم السبت، وآخرها يوم الخميس وبعض يوم الجمعة، وهو في اللغة: القطع، وبه سمي يوم السبت، وقال: بانت في تفسير قوله: سبتًا؛ أنه: القطعة من الزمان، يقال: سبت من الدهر؛ أي: قطعة منه، وسبتُّه: قطعته، وقد رواه الدارقطني: ستًّا، وفسره: ستة أيام من الدهر، وهو تصحيف، كذا قاله أبو العباس القرطبي: إنه تصحيف (٢)، وهو الصحيح؛ من حيث إن الرواية فيه سبتًا -بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة وبالتاء المثناة فوق- أما من حيث معنى السبت في العدد، فهو صحيح؛ فإنهم ما رأوا الشمس سبعة أيام كوامل، بل ستًا كوامل وبعض يومي جمعة، وذلك لا يطلق عليه يوم كامل، والله أعلم.

وقوله في الجمعة الثانية: "هلكت الأموال، وانقطعت السبل"؛ أي: بكثرة المطر فإن إمساك المطر وكثرته مُضرٌّ.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم حوالينا": هو ظرف معلق بمحذوف تقديره: اللهم أنزل حوالينا، ولا تنزل علينا، ويقال: حولنا، وحوالينا، وهما روايتان صحيحتان.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم على الآكام والظَّراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر": سأل - صلى الله عليه وسلم - ربه -سبحانه وتعالى- ذلك أدبًا معه؛ حيث لم يسأل رفعه من أصله، بل سأل رفعَ ضرر المطر، وكشفه عن البيوت والمرافق والطرق؛ بحيث لا يتضرر به ساكن ولا ابن سبيل، وسأله بقاءه في مواضع الحاجة؛ بحيث يبقى


(١) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٥/ ١٧٩)، و"مختار الصحاح" للرازي (ص: ٢٦١)، (مادة: مطر)، و"شرح مسلم" للنووي (٦/ ١٩٢).
(٢) انظر: "المُفهم" للقرطبي (٢/ ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>