للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما غزوة ذات الرقاع، فكانت سنة خمس من الهجرة بأرض غطفان من نجد، سميت ذات الرقاع؛ لأن أقدام المسلمين تعبت من الحفا، فلفوا عليها الخرق، هكذا ثبت في الصحيح عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - (١).

وقيل: سميت به بجبل هناك يقال له: الرقاع؛ لأن فيه بياضًا وحمرة وسوادًا.

وقيل: سميت بشجرة يقال لها: ذات الرقاع.

وقيل: لأن المسلمين رقعوا راياتهم فيها.

وقيل: يحتمل أن هذه الأمور كلها وجدت فيها، وشرعت صلاة الخوف فيها، وقيل: في غزوة بني النضير، وتقدم ذكرنا لسبب نزول آية صلاة الخوف أول الباب، وأنه كان في عسفان سنة ست، والله أعلم.

وأما الطائفة: فهي الفرقة والقطعة من الشيء، تقع على القليل والكثير، لكن قال الشافعي: أكره أن تكون الطائفة في صلاة الخوف أقلَّ من ثلاثة، فينبغي أن تكون الطائفة التي تكون مع الإمام ثلاثة فأكثر، والذين في وجه العدو كذلك، واستدل بقوله تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [النساء: ١٠٢] إلى آخر الآية، فأعاد على كل طائفة ضمير الجمع، وأقل الجمع ثلاثة على المشهور، والله أعلم.

وقوله: "وطائفة وجاه العدو" وهو -بكسر الواو وضمها-، يقال: وِجاهه ووُجاهه وتُجاهه؛ أي: قبالته.

واعلم أن هذا الحديث اشتمل على أمرين مخالفين للصلاة المفعولة في الأمن: وهو جوازها إلى غير القبلة إذا كان العدو في غير جهتها.

الثاني: انتظار الإمام قائمًا الطائفةَ الثانيةَ في الركعة الثانية ليصلوها ثم يسلموا جميعًا، وهذا في الصلاة الثانائية مقصورة كانت أو بأصل الشرع، وهذا مختار الشافعي، أما الرباعية: فهل ينتظرها قائمًا في الثالثة أو قبل قيامه؟ فيه اختلاف


(١) رواه البخاري (٣٨٩٩)، كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع، ومسلم (١٨١٦)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة ذات الرقاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>