ومنها: إثبات الصلاة على الميت، وأجمع العلماء على أنها فرض كفاية، واختلفوا في القدر الذي يسقط به، فقال أصحاب الشافعي: تسقط بصلاة واحد، وهو الصحيح عندهم، وقيل: يشترط اثنان، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة.
وأما صلاته - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي: فكانت متعينة؛ حيث مات بأرض لم تقم بها فريضة الصلاة عليه، فتعين الإعلام بموته لذلك، وهكذا الحكم في كل مسلم مات ولم يُصَلَّ عليه؛ فإنه يتعين على كل من علم بموته الصلاة عليه.
ومنها: معجزة ظاهرة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لإعلامه بموته وهو في الحبشة في اليوم الذي مات فيه.
ومنها: شرعية الصلاة على الميت الغائب، وهو مذهب الشافعي - رحمه الله -، وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة وغيرهما، وقالا: لا يصلى على الغائب، ويحتاجون إلى الاعتذار عن الحديث، ولهم اعتذارات:
منها: ما ذكر أن صلاته - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي كانت متعينة.
والثاني: ما قيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - رآه، فيكون حين صلاته عليه كميت رآه الإمام ولم يره المأمومون، وهذا يحتاج إلى نقل يثبته، فمثله لا يثبت بالاحتمال.
ومنها: الخروجُ إلى المصلى للصلاة على الميت الغائب من غير كراهة، وقد تمسك به الحنفية في منع الصلاة على الميت في المسجد، وبجعل الكراهة في الصلاة على الميت في المسجد مطلقة، ولا يتم لهم ذلك إلا أن تخص الكراهة في الميت يكون في المسجد؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد (١)، ومعلوم أن موته كان خارج المسجد، وحمل إلى المسجد للصلاة
(١) رواه مسلم (٩٧٣)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة في المسجد، عن عائشة - رضي الله عنها -.