عليه فيه، والخروج إلى المصلى للصلاة على النجاشي أبلغ في إظهار أمره المشتمل على هذه المعجزة الباهرة، ولإكثار المصلين عليه، ومذهب جمهور العلماء جواز الصلاة على الميت في المسجد مطلقًا، ولا يتم لهم الاستدلال منه على الكراهة على الصلاة عليه فيه أصلًا؛ لأن الممتنع عندهم إنما هو إدخاله إلى المسجد، لا مجرد الصلاة عليه فيه.
ومنها: أن سنة تكبيرات صلاة الجنازة أربع، وهو مذهب الشافعي وجمهور العلماء، ونقل إجماعهم عليه، وخالف الشيعة في ذلك، وقالوا: يكبر خمسًا، وقد وردت به أحاديث مرفوعة، لكنها غير ثابتة كثبوت التكبير أربعًا، وبتقدير ثبوتها، فالتكبير أربعًا متأخر عنها، وهو مروي عن ابن عباس؛ أعني: التكبير أربعًا كان متأخرًا عن التكبير خمسًا، ومعلوم أن الأخذ عنه كان بالآخر فالآخر من أمره - صلى الله عليه وسلم -، وروي عن بعض المتقدمين أنه كبر على الجنازة ثلاثًا، وهذا الحديث يرده، واختلف الصحابة فيه من ثلاث إلى تسع، ثم وقع الاتفاق على الأربع كما بينا، ونسخ ما عنداه.
ومنها: استحباب الصفوف، والأمر بها في صلاة الجنازة؛ لقوله: فصف بهم، وقد ثبت في الصحيح من كتب السنن:"من صلى عليه ثلاثةُ صفوفٍ لا يشركون بالله شيئًا إلَّا شَفَّعهم اللهُ فيه"(١)، ولم يقع في الأحاديث الصحيحة السلامُ من صلاة الجنازة على الخصوص، لكن يستدل عليه بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحريم الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلها التسليم"، وهو حديث صحيح أجمع العلماء عليه، لكن قال الجمهور منهم: يسلم تسليمة واحدة، وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وجماعة من السلف: يسلم تسليمتين.
(١) رواه أبو داود (٣١٦٦)، كتاب: الجنائز، باب: في الصفوف على الجنازة، والترمذي (١٠٢٨)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الجنازة والشفاعة للميت، وابن ماجه (١٤٩٠)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء فيمن صلّى عليه جماعة من المسلمين، عن مالك بن هبيرة - رضي الله عنه - بلفظ: "من صلّى عليه ثلاثة صفوف، فقد أوجب".