للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسمى الغسلات، وذرُّ التُّراب لا يسمى غسلًا، وفيه احتمال من حيث إنَّ ذرَّ التُّراب على المحل، وإتْبَاعَه الماء يصحُّ أَنْ يقالَ: غسل بالتُّراب، ولا بدَّ من مثل هذا في أمره - صلى الله عليه وسلم - في غسل الميت بماءٍ وسدرٍ عند من يرى أَنَّ المتغَير بالطَّاهر غيرُ طهورٍ، وإن جرى على ظاهر الحديث في الاكتفاء بغسلةٍ واحدةٍ؛ إذ بها يحصل مسمى الغسل، إلا أنَّ قوله: "وَعَفِّرُوه" قد يشعر بالاكتفاء بالتَّتريب بطريق ذرِّ التُّراب على المحلِّ، وإِنْ كانَ بخلطه بالماء لا يُنافي كونَه تعفيرًا لغةً، فلا ينافي ما قالوه؛ لإطلاقِ ذرِّ التُّراب على المحل، وعلى إيصاله بالماء إليه، والحديث إِنْ دلَّ على اعتبارِ مسمى الغسلة، دلَّ على خلطه بالماء، وإيصاله إلى المحل، وذلك أمرٌ زائدٌ على مطلق التعفير على تقدير شموله للصُّورتين: ذرِّ التُّراب، وإيصاله بالماء.

وفيه دليل على أنَّ الماءَ القليلَ إذا حلَّت به نجاسةٌ، فَسَد.

وفيه دليل على تحريم بيع الكلب إذا كان نجس الذات، فصار كسائر النَّجاسات.

واعلم أَنَّه لا فرقَ في مذهب الشَّافعي بين ولوغِ الكلبِ وغيرِه من أجزائه؛ كدمه وبوله وروثه وعرقه وشعره ولعابه، أو عضو من أعضائه إذا كان رطبًا، أو أصاب شيئًا رطبًا في حال رطوبتِه ويُبوسةِ أجزائهِ، فإِنَّه يجبُ غسلُه سبعَ مراتٍ إحداهنَّ بالتُّراب.

ولو ولغَ كلبٌ مراتٍ، أو كلبان (١) في إناءٍ، ففيه أوجه، الصَّحيح: أنَّه يكفيه للجميع سبعُ مراتٍ، وقيل: يلزمه لكلِّ وَلْغَةٍ سبعٌ، وقيل: يكفيه لو لغاتِ الكلبِ الواحدِ سبعٌ، ولكلِّ كلبٍ سبعٌ، ولو وقع في الإناء المولوغ فيه نجاسة أخرى، كفى سبع، ولو كانت نجاسة الكلب دمه أو روثه، فلم يزلْ إلَّا بستِّ غسلاتٍ مثلًا، فهل يحسب ذلك غسلة أم ستًّا، أم لا يحسب شيئًا؟ أوجه، أصحها: غسلةً.


(١) في "ح": "كلاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>