للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَحِقَ بعضَ المواضع الطَّاهرة رشاشُ بعض الغسلات، لا يحتاج إلى تتريبهِ، وإذا أخرت، فلحق رشاشُ ما قبلها بعضَ المواضع، احتيج إلى تتريبه، فكانت الأولى أولى وأرفق بالمكلَّف.

وفي حديثِ ابنِ مغفل دليلٌ على زيادةِ مرَّةٍ ثامنة ظاهرًا، وبه قالَ الحسنُ البصريُّ، وهو رواية عن مالك، وأحمد بن حنبل، وذكر أصحاب الشَّافعي أنَّه هل يقوم غسله ثامنةً بالماء مكانَ التراب؛ فيه وجهان، والحديثُ قويٌّ في المرَّة الثامنة، ومن تأول الحديث تأوَّلَهُ بتأويلٍ بعيدٍ.

[قال صاحب "الشَّامل" (١): ويحمل الحديث على أَنَّه عَدَّ التراب ثامنة، وإن كان يوجد مع السَّبع؛ لأنه جنس آخر؛ جمعًا بين الخبرين] (٢).

وذكر صاحب "الحاوي" (٣) في قدر التُّراب وجهين:

أحدهما: ما يقع عليه الاسم.

والثَّاني: ما يستوعب محلَّ الولوغ.

وذكر بعض أصحاب الشَّافعي عنه: أنَّه لو جعل مكان التراب غيره من جصٍّ أو أُشنان، قولان، وأن محلَّهما مع عدم التُّراب، فأمَّا مع وجوده، فلا يجوز، قولًا واحدًا.

ومنهم مَنْ قال: القولان في جميع الأحوال، وأنه إذا قلنا: غير التُّراب لا يقوم مقامه في الإناء، ففي الثوب وجهان.

وفيه دليل على أنَّ ذرَّ التُّرابِ على المحل لا يكفي، بل لا بدَّ من خلطه بالماء، ثم إيصاله إلى المحل من إناءٍ أَو ثوبٍ، ووجهه أنَّه جعلَ مرَّة التَّتريب داخلة في


(١) كتاب: "الشامل في فروع الشافعية" لأبي نصر عبد السيد بن محمد المعروف بابن الصباغ الشافعي المتوفى سنة (٤٧٧ هـ)، وهو من أجود كتب الشافعية وأصحها نقلًا، وله شروح وتعليقات كثيرة. انظر: "كشف الظنون" (٢/ ١٠٢٥).
(٢) ما بين معكوفين ساقط من "ح".
(٣) انظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>