وأما أم حبيبة، فاسمها رملة، وقيل: هند، والأول أشهر، كُنيت بابنتها حبيبة بنتِ عبيد الله بن جحش، وهي أم حبيبة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب ابن أمية، أمُّ المؤمنين، الأموية، كانت من السابقين إلى الإسلام، هاجرت مع زوجها عبيد الله إلى أرض الحبشة، فتوفي عنها، فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي هناك سنةَ ست من النبوة قبل الهجرة، ويقال: سنة سبع، زوجه إياها عثمان بن عفان، وأمها صفية بنت أبي العاصي عمة عثمان، وقيل: إن النجاشي -رضي الله عنه- زوجه إياها، وأصدقها مئتي دينار، وقيل: أربع مئة دينار، فلعل واحدًا منها أوجب، والآخر قبل منه - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: عقد عليها خالد ابن سعيد [بن] العاصي، وأولم عليها عثمان بن عفان لحمًا وثريدًا، وجهزها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النجاشي، وبعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرحبيل بن حسن، فجاءه بها، وقيل: بل تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وقيل: إنه الصحيح، وكان أبوها إذ ذاك بمكة، والله أعلم بالصواب.
وروي لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة وستون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على حديثين، وانفرد مسلم بحديثين، وروى عنها أخواها: معاوية وعتبة، وابنُ أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، وجماعة كثيرة من التابعين، وروى لها أصحاب السنن والمساند، وتوفيت قبل موت معاوية بسنة، وتوفي معاوية في رجب سنة ستين، وقيل: توفيت سنة أربع وأربعين، وأما موضع دفنها، فأهل الشام يقولون: إنه بدمشق بمقبرة باب الصغير، وقال أبو عمر بن عبد البر -رحمه الله تعالى-: روي عن علي بن حسين قال: قدمت منزلي في دار علي بن أبي طالب، فحفرنا في ناحية منه، فأخرجنا منه حجرًا، فإذا فيه مكتوب: هذا قبر بنت صخر، فأعدناه مكانه، والله أعلم (١).
(١) وانظر ترجمتها في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (٨/ ٩٦)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (٤/ ١٨٤٣)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (٦٩/ ١٣٠)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (٧/ ١١٦)، و"تهذيب الكمال" للمزي (٣٥/ ١٧٥)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢/ ٢١٨)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٧/ ٦٥١)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (١٢/ ٤٤٨).