للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدر معلوم يجوز أن يكون مثل هذا وأقل وأكثر، فإن قيل: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن شهدَها حتى تدفن، فله قيراطان" ما يقتضي أن القيراطين يحصلان بشهودها ودفنها، أحدهما: بالشهود، وهو اتباعها، والثاني: بدفنها، فيكون حينئذٍ له بالصلاة والاتباع والدفن ثلاثة قراريط، قلنا: هذا مردود بما ثبت في "صحيح البخاري" في أوائل كتاب الإيمان منه، وهو: أن القيراط الثاني على مجموع الشهود والدفن، ولا يحصل بهما قيراطان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شهدَ جنازةَ وكانَ معها حتى يصلَّى عليها، ويفرغَ من دفنها، رجعَ من الأجر بقيراطين" (١)، وهذا صريح في أن المجموع بالصلاة والاتباع وحضور الدفن قيراطان، وقد سبق مثل هذا في باب المواقيت في حديث: "مَنْ صلَّى العشاءَ في جماعة، فكأنَّما قامَ نصفَ الليل، ومن صَلَّى العشاءَ والصُّبحَ في جماعة، فكأنَّما قامَ الليلَ كلَّه" (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى تدفن"، وفي رواية في "صحيح البخاري ومسلم": "حتى يُفْرَغَ من دفنِها" (٣) دليلٌ على أن القيراط الثاني لا يحصل إلَّا لمن دام معها من حين صَلَّى إلى أن فرغ من دفنها، وهذا الصحيح عند أصحاب الشافعي، وقال بعض أصحابه: يحصل القيراط الثاني إذا ستر الميت في القبر باللَّبِنِ، وإن لم يُلْق عليه التراب، وفي وجه لهم: أنه يحصل بمجرد الوضع في اللَّحد، وإن لم يلق عليه التراب، والله أعلم.

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد الجنازة حتى يصلَّى عليها" ما يؤذِنُ بما ورد في


= ماشية، ومسلم (١٥٧٤)، كتاب: المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(١) رواه البخاري (٤٧)، كتاب: الإيمان، باب: اتباع الجنائز من الإيمان.
(٢) رواه مسلم (٦٥٦)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>