بعض الروايات، وهو اتباعها من عند أهلها، وأن المراد: شهودها حتى يصلَّى عليها، ولا شك أن من صلى عليها مجردًا، حصل له قيراط، لكن قيراط من شهدها من عند أهلها حتى صُلِّي عليها أكملُ، وكذلك قيراطُ من تبعها حتى يُفرغ من دفنها أكملُ ممن حضر الدفن والفراغ منه دون الاتباع، والله أعلم.
وفي هذا الحديث: استحباب شهود الميت من حين غسله وتكفينه واتباعه، والصلاة عليه إلى حين يفرغ من دفنه، ولا شك أن النفوس لما كانت لاهية بالحياة الدنيا وزينتها، شُرع لها ما يلهيها عن ذلك بشهود الجنائز، ورُغبت في ذلك بالأجور والثواب؛ ليكون أتقى لها وأزكى، وأبعد لها عما اشتغلت به، فينبغي أن تستعمل في ذلك كله الآداب الشرعية؛ من السكينة والوقار، وعدم الجبرية والاستكبار، والحديثِ فيما يلهي عن ذلك من المحظورات والمباحات شرعًا في ظاهره وباطنه، ولا يغفل عما يجب عليه في ذلك كله، والله أعلم.
وفيه: وجوب الصلاة على الميت، ودفنه.
وفيه: التحضيض على الاجتماع لهما.
وفيه: التنبيه على عظيم فضل الله تعالى فيما شرعه للنفوس، وما رتبه من الأجور على ما شرعه لها لمصلحتها الدنيوية والأخروية.
وفيه: أداء حقوق الموتى بالصلاة والتشييع وحضور الدفن.
وفيه: التنبيه على ما الإنسان صائر إليه ومشاهدته؛ ليعلم أنه راجع إلى الله تعالى، ومتصرف فيه، لا يملك لنفسه موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فلا تكثر التبعات عليه، ويأخذ نفسه بالعزائم وعدم الراحات؛ ليجدها يوم فقره وفاقته، فالكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَنْ أتبعَ نفسَه هواها، وتمنى على الله، والله أعلمُ بالصواب، وإليه المرجع والمآب.