للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ستون صاعًا، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث بالعراقي، وفي رطل العراق أقوال، أظهرها: أنه مئة درهم وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وقيل: مئة وثمانية وعشرون بلا أسباع، وقيل: مئة وثلاثون، فالأوسق الخمسة: ألف وست مئة رطل بالبغدادي (١)، وهل هذا التقدير بالأرطال تقريب أم تحديد؟ وجهان لأصحاب الشافعي:

أصحهما: تقريب، فإذا نقص عن ذلك يسيرًا، وجبت الزكاة، لكن ظاهر الحديث أن النقصان مطلقًا مؤثر في عدم الوجوب، لكنه غير مؤثر عرفًا، لعدم منعه إطلاق الاسم بنقص اليسير.

والثاني: تحديد، فمتى نقص شيئًا، وإن قل، لم تجب الزكاة.

وفي هذا الحديث فائدتان:

إحداهما: وجوب الزكاة في هذه المحدودات من الدراهم والإبل والحبوب.

والثانية: عدم الزكاة فيما دون المحدود، ولا خلاف بين العلماء في ذلك، إلا ما قاله أبو حنيفة وبعض السلف: أنه تجب الزكاة في قليل الحب وكثيره، واستدل له بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيما سَقَتِ السَّماءُ العشرُ، وما سُقي بنضحٍ أو دالية، ففيه نصفُ العشر" (٢)، وهذا عام في القليل والكثير، والجواب عن ذلك بأن المقصود من الحديث بيانُ قدر المخرَج، لا قدر المخرَج منه، ولا شك أن هذا يرجع إلى قاعدة أصولية، وهي: أن الألفاظ العامة ترد بوضع اللغة على ثلاثة أنحاء:

أحدها: ما يظهر فيها قصد التعميم؛ بأن يرد مستنده على سبب لقصد تأسيس القواعد.


(١) انظر: "المُغرب" للمطرزي (٢/ ٣٥٤)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ١٨٤)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ١١٠)، و"لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ٣٧٩)، و"القاموس" للفيروز أبادي (ص: ١١٩٩)، (مادة: وسق).
(٢) رواه البخاري (١٤١٢)، كتاب: الزكاة، باب: العشر فيما يسقى من ماء السماء، وبالماء الجاري، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>