إذا أدَّاه اجتهاده إليه؛ كما فعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عام الرمادة إلى أن جبى من الناس العام المقبل، فأخذ منهم زكاة عامين.
ورواه موسى بن عقبة، فقال:"هي له ومثلُها معَها"(١)، قيل: إن (له) بمعنى عليه، قال الله تعالى:{وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ}[غافر: ٥٢]، وقال تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء: ٧].
قال بعضهم: والأشبهُ عندي احتمالُ النبي - صلى الله عليه وسلم - لها على ما تقدم، وإخراجُها عنه برأيه، وهي له، ويعضده رواية: فهي له، وصدقة عليه، لا على أنه أحل له الصدقة، ولكنه تركها له، فأخرج الصدقة عنه من مال نفسه.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عمُّ الرجلِ صِنْوُ أَبيهِ"؛ أي: يرجع مع أبيه إلى أصل واحد، ومنه قوله تعالى:{صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}[الرعد: ٤]، وأصله في النخلتين والنخلات التي ترجع إلى أصل واحد، والصنوان جمع صنو؛ كقنوان وقنو، وتجمع أصناء؛ كأسماء، فإذا كثرت قُلتَ: الصني والصُّنى.
وذكر - صلى الله عليه وسلم - ذلك لعمر تعظيمًا لحق العم، وهو مقتض ومناسب لأن يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هي علي" على أنه يحملها عنه احترامًا له ومبرة وإكرامًا حتى لا يتعرض له بطلبها أحد؛ إذ يحملها عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفي هذا الحديث أحكام أصلية ومتفرعة على التأويلات فيه:
فمن الأصلية:
بعثُ الإمام العمال لجباية الزكوات.
ومنها: أن يكونوا أمناءَ فيها، ثقات، عارفين؛ حيث بعث - صلى الله عليه وسلم - عليها عمر - رضي الله عنه -.
ومنها: تعريف الإمام بمانعيها؛ ليعينهم على أخذها منهم، أو يبين لهم وجوه أعذارهم في منعها.
(١) رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢٣٢٩)، و (٢٣٣٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ١٦٤).