للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كنا نخرج إذ كان فينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفطر عن كل صغير وكبير، حر ومملوك (١)، فصرح فيه بأنهم كانوا مخاطبين بإخراج زكاة الفطر عن غيرهم، وذلك الغير لا بد أن يكون بينه وبين المأمور بالإخراج ملابسة، وتلك الملابسة هي تكون مثل الملابسة التي بين الصغير ووليه، والعبد وسيده، وهو القيام بما يحتاج إليه كل واحد منهما من المؤن، والله أعلم.

قال القاضي عياض - رحمه الله -: واختلف في النوع المخرَج، فأجمعوا على أنه يجوز البر والزبيب والتمر والشعير، إلا خلافًا في البر لا يعتد بخلافه، وخلافًا في الزبيب لبعض المتأخرين، وكلاهما مسبوق بالإجماع، مردودٌ قولُه به (٢).

وأما الأَقِط: فأجازه مالك والجمهور، ومنعه الحسن، واختلف فيه قول الشافعي، وقال أشهب: لا يخرج إلا هذه الخمسة، وقاس مالك على الخمسة كلَّ ما هو عيشُ أهل بلد من القطاني، وعن مالك قول آخر: أنه لا يجزئ غيرُ المنصوص في الحديث، وما في معناه، ولم يجز عامة العلماء إخراجَ القيمة، وأجازه أبو حنيفة، وقال الشافعي: جنس الفطرة كل حب وجب فيه العشر، ويجزئ الأقِط على الراجح، وهو المذهب.

والأصح: أنه يتعين غالب قوت بلده، والثاني: يتعين قوت نفسه، والثالث: يتخير بينهما، فإن عدل عن الواجب إلى أعلى منه، أجزأه، وإن عدل إلى ما دونه، لم يجزئه.

ثم ظاهر الحديث أنها لا تجب إلا على القرى والأمصار والبوادي والشعاب، وكل مسلم حيث كان، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وجماعة العلماء، وعن عطاء، والزهري، وربيعة، والليث: أنها


(١) رواه مسلم (٩٨٥)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير.
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٧/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>