والمفتيَ والمشرع، ولم يُقم عليه التعزير بقول ولا فعل.
قال البغوي في "شرح السنة"(١): وأجمعت الأمة على أن [من] جامع متعمدًا في نهار رمضان يفسد صومه، وعليه القضاء، ويعزَّر على سوء صنعه.
قال بعض أصحاب الشافعي: ومن جامع امرأته حائضًا، وقلنا: يكفِّر، عُزِّر بلا خلاف، وقد ذكر بعض أصحاب الشافعي فيما يجب التعزير فيه مع وجوب الكفارة، قال: وفي المجامع في رمضان، وفي الظهار والقبل وجهان: أحدهما: لا يجب؛ لما ذكرنا، وأرجحهما عندهم: الوجوب، قالوا: لأن الكفارة إنما وجبت لانتهاك حرمة الوقت، ولقول الزور، وفوات الروح، والتعزيرُ يجب لحق الله تعالى في الرحم والمخالفة، والله أعلم.
ومنها: استعمال الكنايات فيما يُستقبح ظهوره بصريح لفظه؛ كالمواقعة والإصابة ونحوهما عن النكاح النيك.
ومنها: وجوب الكفارة بإفطار المجامع عامدًا، وهو مذهب جميع العلماء سوى من شذ منهم، وقالوا: لا تجب، وهو قول للشافعي ضعيف، قال: لأنها لو وجبت، لما سقطت بالإعسار، قلنا: قولكم: سقطت بالإعسار يقتضي تقدم وجوب حتى يقتضى السقوط، وإلا لما صح السقوط الَّذي هو بمعنى الخروج، كيف والأصل والقياس الوجوب، والمسبب لا يبطل السبب؛ فإن الإعسار مسبب، والوطء في رمضان سبب، والوجوب إنما يسقط للاستحالة أو المشقة، ولا استحالة ولا مشقة؛ فإن المطالبة بالكفارة إنما يكون عند القدرة، ومع الإعسار لا قدرة، فحينئذٍ لا يرفع الإعسار الوجوب من غير معارض سائغ.
فإن قيل: سقطت بمقارنة الإعسار؛ لأنها لم تؤد، ولا أعلمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنها تبقى في الذمة، فإنها لو بقيت، لأعلم به - صلى الله عليه وسلم -، كيف والبيان واجب عليه - صلى الله عليه وسلم -؟
فالجواب: أن الحديث دل على استقرار الكفارة؛ بدليل إخبار السائل بالعجز عن العتق والصيام والإطعام، ومجيء العَرَق وإعطائه إياه؛ ليخرجه كفارة، فلو