للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف العلماء في المراد به في هذا الحديث:

فالمختار عند العلماء من المحققين وغيرهم: أنَّه مطلق القرابة، سواء كان القريب وارثًا، وغيره.

ومنهم من اشترط فيه العصوبة أو الإرث، وتوقف في ذلك إمام الحرمين، وقال: لا نقل عندي في ذلك، وقال: بعض الفضلاء المتأخرين: وأنت إذا فحصت عن نظائره، وجدت الأشبه اعتبار الإرث.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: العموم في الصوم الَّذي يصام عن الميِّت من غير تخصيص بنذر، وقد ورد في بعض الأحاديث ما يقتضي الإذن في الصوم عمَّن مات وعليه نذر لصوم، وليس ذلك بمقتضٍ لتخصيص صورة النذر.

ومنها: دليل بعمومه على أن الولي يصوم عن المئت، وأنّ النيابة تدخل في الصوم، سواء كان الصوم عن رمضان، أو قضاءً، أو نذرًا، أو غيره، وهو المختار الَّذي عليه المحققون من الشافعيين الجامعون بين الفقه والحديث، وهو أحد قولي الشافعي: أنه يستحب لوليه أن يصوم عنه، ولا يجب، ويصح صومه عنه، وتبرأ ذمَّة الميت، ولا يحتاج إلى إطعام عنه؛ لعموم هذا الحديث، والأحاديث الصحيحة الثابتة فيه.

قال: البيهقي - رحمه الله -: لو وقف الشافعي - رحمه الله - على جميع طرقها، ونظائرها، لم يخالفها - إن شاء الله تعالى - (١).

وقال غيره: كيف وقد قال الشَّافعي - رحمه الله -: إذا صحَّ الحديث، فهو مذهبي (٢)، وقد صحَّ في الصيام عن الميت أحاديث، وقال الشَّافعي في المريض لا يصح من مرضه حتَّى يموت: فلا صوم عليه ولا كفارة، وقد تقدم أن من أفطر في رمضان بعذرٍ، ثم اتصل عجزه، فلم يتمكن من الصوم حتى مات: أنه


(١) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٤/ ٢٥٦).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>