لا صوم عليه ولا إطعام، ولا يصام عنه، والحديث الوارد:"منْ ماتَ وعليه صومٌ أُطعم عنهُ" ليس بثابت، ولو ثبت، أمكن الجمع بينه وبين الأحاديث الواردة في جواز الصوم بأن يحمل على جواز الأمرين؛ فإن من يقول بالصيام، يجوز عنده الإطعام، فيثبت أن الصواب المتعيِّن تجويزهما، والولي مخير بينهما.
وتقدم الكلام على المراد بالوليِّ واشتقاقه، فلو صام عنه أجنبي بإذن الولي، صحَّ، وإن كان بغير إذن الولي، ففيه وجهان؛ أظهرهما المنع.
ويقول الشَّافعي: هذا وعمل بهذا الحديث: طاوس، والحسن البصري، والزّهري، وقتادة، وأبو ثور، وأهل الظاهر، وإسحاق، وممن قال به في النذر خاصة مع أحمد: اللَّيث، وأبو عبيد، وإسحاق في روايةٍ عنه.
والمشهور من قولي الشَّافعي، وإليه ذهب الجمهور: أنه لا يصام عن ميت، لا نذر ولا غيره، وهو الجديدُ من مذهبه، وإليه ذهب الجمهور، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة - رضي الله عنهم -، ورواية عن الحسن، والزهري، وبه قال مالك، وأبو حنيفة.
أما الأجنبي، فلا يصوم؛ لأجل التخصيص في مناسبة الولاية لذلك، أو لأن الأصل عدم جواز النيابة في الصوم؛ لكونها عبادة بدنيَّة لا تدخلها النيابة في الحياة، فلا تدخلها بعد الموت؛ كالصلاة، وإذا كان الأصل عدم جواز النيابة، وجب أن تقتضي فيه على ما ورد في الحديث.
وأمَّا غيره من القرابة، أو العصبة، أو الولاية؛ فيجري على القياس، لكن قال أصحاب الشافعي: لو أمر الوليُّ أجنبيًّا بأن يصوم عنه بأجرة أو بغير أجرة، جاز؛ كما في الحج، وهذا إنما يكون على قول للشَّافعي: إنَّه يصام عنه.
أمَّا على قول المنع، فلا يتجه ذلك، قال القاضي عياض - رحمه الله -: منعُ الصوم عن الميِّت هو قول جمهور العلماء، وتأولوا حديث هذا الباب على أنه يطعم عنه وليه، وهو تأويل ضعيف باطل، لا ضرورة إليه أم أي مانع يمنع من العمل به مع تظاهر الأحاديث، وعدم المعارض لها، قال القاضي، وأصحاب