أفضليتها، لا على كونها ثلاثًا من كل شهر، كما نبَّه على صوم الاثنين والخميس، ومعلوم أنهما متكرران في كل شهر، وسررُ الشَّهر أوله، وقيل: آخره، وقيل: وسطه، وخياره وأفضله لغة.
وقد وقع الأمر بصوم الثَّلاث أول الشَّهر، وقد وقع آخره، وكل ذلك يبين أنه لا حرج في ذلك، وأنَّ الاختلاف إنَّما هو في الأحسن الأفضل.
ومنها: كراهة قيام كل اللَّيل، ونقلت الكراهة عن جماعة، ودليلهم: رد النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك على من أراده، ولما يتعلق بفعله من الإجحاف بوظائف من الدِّين وغيره عديدة، وقال أصحاب الشَّافعي - رحمهم الله -: يُكره قيام كل اللَّيل دائما لكل واحد، وفرَّقوا بينه وبين صوم الدَّهر في حقِّ من لا يتضرَّر به، ولا يفوِّت حقًّا؛ بأن صلاة اللَّيل كلِّه لا بدَّ فيها من الإضرار بنفسه، وتفويت بعض الحقوق؛ لأنَّه إن لم ينم بالنَّهار، فهو ضرر ظاهر، وإن نام نومًا ينجبر فيه سهره، فوَّت بعض الحقوق، بخلاف من يصلِّي بعض اللَّيل؛ فإئه يستغني بنوم باقيه، وإن نام معه شيئًا في النَّهار، كان يسيرًا لا يفوت به حق، وكذا من قام ليلة كاملة، كليلة العيد أو غيرها، لا دائمًا؛ فإنَّه لا كراهة في ذلك؛ لعدم الضرر فيه، والله أعلم.
وتأوَّل جماعة من المتعبدين من السَّلف وغيرهم ردَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قيام كلِّ اللَّيل والنَّهي عنه على الرِّفق بالمكلَّف فقط، لا على الكراهة الشرعية، والله أعلم.
ومنها: استدراج الشيخ المربي أتباعه في عبادات الصوم والصلاة وغيرها من الأخف إلى الأثقل؛ لتتمرَّن نفوسهم عليها من غير كراهة ولا ملل يؤدي إلى التَّرك بالكليَّة، وهذه سنَّة الله - عزَّ وجلَّ - في وحيه وتنزيله، ورسله - صلى الله عليهم وسلم -.
ومنها: مراعاته - صلى الله عليه وسلم - للأنبياء - صلى الله عليهم وسلم - في الاتباع؛ حيث ذكرهم الله - عزَّ وجلَّ - في كتابه العزيز، وأمره - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهم في قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠] الذين من جملتهم في الذكر داود - صلى الله عليه وسلم -.