للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكنَّهم جعلوا مثلَه بالصَّغائر، وقالوا: إنَّما تُكَفَّر الكبائرُ بالتوبة، وكان مستندُهم في ذلك وروده مقيدًا في مواضعَ؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، والجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، ورَمَضَانُ إِلَى رَمَضَان، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ؛ مَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ" (١)، فجعلوه في هذه الأمور المذكورة مقيِّدًا للمطلق في غيرها.

وفي هذا الحديث دليلٌ على سرعة التَّعليم بالفعل، وأنَّه أبلغُ وأضبطُ في حقِّ المتعلم.

وفيه: جوازُ الاستعانة في طلب الماء، وهو مُجْمَعٌ عليه من غير كراهة.

وفيه: استحبابُ إفراغِ الماءِ على اليدين قبلَ غسلِهما ما لم تتحقَّقْ نجاستُهما.

وفيه: جوازُ إدخالِهما الإناءَ بعدَ غسلِهما، وأنَّه لا يفتقر إلى نيَّة الاغترافِ.

وفيه: استحبابُ التثليث في جميع الوضوء، ما عدا الرأسَ؛ فإنَّه لا يُكرَّر ثلاثًا، وقد ثبتَ في "صحيح البخاريِّ" أنَّه - صلى الله عليه وسلم - مسحَه مرَّةً بعد ذكر التَّثليث في باقي الأعضاء (٢)، وهو المختار عند المحققين.

وفيه: وجوبُ التَّرتيبِ في أعضاءِ الوضوءِ؛ فإنَّه رتبه الرَّاوي بثُمَّ في معرض البيان، وهي للتَّرتيب، واختلفَ أصحابُنا في ترتيبِه في مسنونِ أعضاءِ الوضوءِ على وجهين.

وفيه: الاستدلالُ بفعلِه - صلى الله عليه وسلم - على الأحكام الشَّرعية، وأنَّ المرجعَ إليه - صلى الله عليه وسلم - في جميعها.

وفيه: استحبابُ تناولِ ماءِ الوضوءِ باليمين، ولم يتعرَّضْ في هذا الحديث لتقديم اليمين على اليسار، لكنَّه ثابتٌ في غيره من حديث عُثْمَانَ وغيره في اليدين


(١) رواه مسلم (٢٣٣)، كتاب: الطهارة، باب: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (١٨٩)، كتاب: الوضوء، باب: مسح الرأس مرة، من حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>