للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث، وثَّقه أبو زُرعة وابنُ معين، وقال ابن سعد: كان ثقة، وقال ابن معين: مشهور، وقال أبو حاتم: لا بأس بحديثه.

روى له البخاري ومسلم وغيرهما، واسم أبي جدِّه جعفرِ: رفاعةُ بن أميَّة بن عابد -بالباء الموحَّدة- بنِ عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمُّه زينبُ بنت عبد الله بن السَّائب بن أبي السَّائب المخزومي، وسمع أيضًا عبدَ الله بن عمر، وأبا هريرة، وعبد الله بنَ عمرِو بن العاص، وغيرهم، وروى عنه جماعة (١).

وأمَّا جابر، فتقدَّم ذكره.

وهذا الحديث نص صريح في النَّهي عن صوم يوم الجمعة بمفرده، كيف وقد أقسم جابر في جوابه عن نهي النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عن صومه بربِّ الكعبة، وأما بمفرده جمعًا بينه وبين الأحاديث الصَّحيحة الثابتة في عدم كراهة صومه، إذا صام يومًا قبله أو بعده، أو كان صوم يصومه عادة بنذر أو غيره، وأمَّا إذا لم يكن من ذلك، فهو مكروه، وبه قال من الصَّحابة - رضي الله عنهم -: أبو هريرة، وسلمان، وهو مذهب الشافعي - رحمه الله -، وأصحابه، وقال مالك: لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه ومن يُقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامُه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحرَّاه (٢)، وقد قيل: إنَّ الَّذي كان يتحرَّى صومه: محمَّد بن المنكدر، وهو الَّذي رىه مالك، وقد رأى غيره خلاف ما رأى هو، والسُّنّة مقدمة على ما رآه هو وغيره، والنَّهي ثابت من غير نسخ له، فتعين القول به.

ومالك - رحمه الله - معذور؛ حيث لم تبلغه هذه السُّنَّة، ولو بلغته، لقال بها، كيف وهو - رحمه الله تعالى - يقول: كل أحد مأخوذ من قوله ومتروك، إلا


(١) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (٥/ ٤٧٥)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (١/ ١٧٥)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٨/ ١٣)، و"الثقات" لابن حبان (٥/ ٣٥٦)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (١/ ١٠١)، و"تهذيب الكمال" للمزي (٢٥/ ٤٣٣)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (٩/ ٢١٦).
(٢) انظر: "الموطأ" للإمام مالك (١/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>