والثاني: أنَّه محمول -لو سُلِّم أنَّه طين- على شيء يسير لا يمنع مباشرة بشرة الجبهة.
كيف والَّذي ورد في بعض روايات الحديث:"وجبينه ممتلئًا طينًا"(١) لا يخالف ما تأوَّلناه، وأنَّ الجبين غير الجبهة، فالجبينان يكتنفان الجبهة، ولا يلزم من امتلاء الجبين امتلاء الجبهة، والله أعلم.
ومذهب الشَّافعي وموافقيه: منع السُّجود على حائل متصل بالجبهة.
وفيه: دليل على أنَّ العالم الَّذي له أتباع، إذا اطَّلع على علم، وعمل به، وأراد موافقة أتباعه له، أن يرشدهم إليه بصيغة عموم وأمر عامّ، لا خاص وخصوصيَّة لمعيَّن؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ اعتكَفَ معي، فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ".
وفيه: دليل على أنَّ العالم إذا كان عنده علم من شيء، ثمَّ نسيه، أنَّ يعرِّف أصحابه بنسيانه، ويُقِرَّ به، والله أعلم.
* * *
(١) رواه مسلم (١١٦٧)، (٢/ ٨٢٥)، كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر.