- عزَّ وجلَّ -، وقد أجمع المسلمون على استحبابه، وأنه ليس بواجب، وأنَّه متأكد في العشر الأواخر من رمضان، وقد أشعر تأكيد استحبابه بقولها: ثمَّ اعتكف أزواجه بعده، وبقولها: في كل رمضان.
ومنها: استواء الرَّجل والمرأة في شرعيَّة الاعتكاف.
ومنها: أنَّ الاعتكاف لا يصحُّ إلا في المسجد، وأن كونه فيه شرط لصحَّته؛ حيث اعتكف - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه فيه مع المشقَّة في ملازمته، ومخالفةِ العادة في الاختلاط بالنَّاس، لا سيما النِّساء، فلو جاز الاعتكاف في البيوت، لما خولف المقتضى لعدم الاختلاط بالنَّاس في المسجد وتحمُّل المشقة في الخروج لعوارض الخلقة، وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وداود، والجمهور، وقال أبو حنيفة: يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو الموضع المهيَّأ من بيتها لصلاتها، قال: ولا يجوز للرَّجل في مسجد بيته.
ومذهب أبي حنيفة قول قديم للشافعي، ضعيف عند أصحابه، وجوَّزه بعض أصحاب مالك والشافعي للرَّجل والمرأة في مسجد بيتهما.
واختلف المشترطون المسجد العام، فقال مالك والشَّافعي وجمهورهم: يصحُّ الاعتكاف في كلِّ مسجد، وقال أحمد: يختص في المسجد الَّذي تقام فيه الجماعة الرَّاتبة، وقال: أبو حنيفة: يختص بمسجد تصلَّى فيه الصَّلوات كلُّها، وقال الزهريُّ: يختص بالجامع الَّذي تقام فيه الجمعة، ونقلوا عن حذيفة بن اليمان الصَّحابي - رضي الله عنه - اختصاصه بالمساجد الثَّلاثة: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والأقصى.
ومنها: أنَّ الاعتكاف لا يكره في وقت من الأوقات، وأجمع العلماء على أنَّه لا حدَّ لأكثره، واختلفوا في أقلِّه، فقال الشَّافعي وأصحابه وموافقوهم: أقله لحظة واحدة، وضابطه عندهم: أنَّه مَكثٌ يزيد على طمانينة الرُّكوع أدنى زيادة.
وفي المذهب وجه شاذٌّ: أنَّه يصحُّ اعتكاف المارِّ في المسجد من غير لبث، فينبغي لكل جالس في المسجد؛ لانتظار صلاة، أو لشغل أجر من آخرة أو دنيا،