للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ ينوي الاعتكاف، فيحسب له، ويثاب عليه ما لم يخرج من المسجد، فإذا خرج ثمَّ دخل، جدد نيَّة أخرى.

وليس للاعتكاف ذكر مخصوص، ولا فعل آخر سوى اللَّبث في المسجد بنية الاعتكاف، ولو تكلَّم بكلام دنيا، أو عمل صنعة من خياطة أو غيرها، لم يبطل اعتكافه.

ومنها: أنَّه ينبغي أنَّ يكون الاعتكاف مصحوبًا بصوم، واشترطه مالك، وأبو حنيفة، والأكثرون، وقالوا: لا يصحُ اعتكاف مفطر، وقال الشافعي وأصحابه: لا يشترط، احتجَّ من اشترطه بهذا الحديث، واحتجَّ الشَّافعي - رحمه الله - باعتكاف النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في العشر الأول من شوَّال، رواه البخاري ومسلم، وبحديث عمر - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله! إنِّي نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية، فقال: "أَوْفِ بنذرِكَ" (١)، روياه -أيضًا-، ومعلوم أنَّ اللَّيل ليس محلًا للصوم، فدلَّ على أنَّه ليس بشرط لصحَّة الاعتكاف.

ومنها: إطلاق لفظ الغداة على صلاة الصُّبح، وكرهه بعضهم، وهذا الحديث وغيره يردُّ عليه.

ومنها: أنَّ السُّنَّة إذا كان معتكفًا، وصلَّى الصُّبح في مكان من المسجد غيرِ محلّ معتكفه: أنَّه لا يجلس في مصلَّاه إلى طلوع الشَّمس، بل يرجع بعد فراغه منها إليه؛ لقولها: فإذا صلَّى الغداة، جاء مكانه الَّذي اعتكف فيه، وقد استدلَّ به الأوزاعي، والثَّوري، واللَّيث في أحد قوليه، على ابتداء الاعتكاف والدُّخول فيه من أوَّل النَّهار، وليس فيه دليل؛ فإنَّ اعتكافه - صلى الله عليه وسلم - يحتمل أنَّ يكون قبل ذلك، بل هو الظَّاهر. ومجيئه - صلى الله عليه وسلم - إلى مكانه بعد صلاة الغداة؛ للانفراد من النَّاس بعد الاجتماع بهم في الصَّلاة، لا أنَّه ابتداء دخول المعتكف، ويكون المراد بمكانه


(١) رواه البخاري (٦٣١٩)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا نذر أو حلف ألا يكلم إنسانًا في الجاهلية ثم أسلم، ومسلم (١٦٥٦)، كتاب: الأيمان، باب: نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>