وقولهما:"سُبْحَانَ اللهِ! " هو تنزيه لله، ومعناه في هذا الموضع بالذِّكر استعظامُ الأمر وتهويلُه.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ"، قيل: هو على ظاهره، وأنَّ الله - تعالى عزَّ وجلَّ - جعل له قوةً وقدرةً في الجري في باطن الإنسان مجاري دمه، وقيل: هو على الاستعارة؛ لكثرة إغوائه، ووسوسته، فكأنَّه لا يفارق الإنسان، كما لا يفارقه دمه.
وقوله في الرِّواية الثانية:"عندَ بابِ أُمِّ سَلَمَةَ": هي زوجُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقدَّم اسمها.
وفي هذا الحديث دليل على جواز زيارة المرأة المعتكف.
وفيه: جواز التَّحدُّث معه.
وفيه: جواز اشتغال المعتكف بالأمر يحدث له، سواء كان مندوبًا أو مباحًا.
وفيه: استحباب المشي مع الزَّائر إلى باب مكان المزور، خصوصًا إذا كان فيه تأنيس، وإزالة وحشة باللَّيل ونحوه.
واستدلَّ به بعضهم على جواز خروج المعتكف من المسجد، في ما لا غنى به، وليس فيه دليل؛ فإنه قد بيَّن في الرِّواية الثَّانية الغايةَ في مشيه - صلى الله عليه وسلم - مع صفية إلى باب المسجد فقط، وإن كان الخروج من المسجد للمعتكف للحاجة الشَّرعية جائزًا بلا خلاف.
وفيه دليل: على التحرُّز مما يقع في الوهم، ونسبة الإنسان إليه مما لا ينبغي، حسب طاقته، وأنّه ينبغي للإنسان ألَّا يؤثم النَّاس بسببه، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكرم الخلق على الله تعالى في خير قرنٍ وأشرف أمَّة، وأفضل زمان ومكان، في أفضل عبادة، ومع هذا كلِّه خشي على الرَّجلين وسوسةَ الشيطان بقذف شيء، في قلوبهما يكون مؤديًا إلى الكفر، أو هو كفر.
قال بعض العلماء: ولو وقع ببالهما شيء، لكفرا.
وقال سفيان بن عيينة للشافعي: ما فقه هذا الحديث؟ فقال الشَّافعي: إن كان