الحجَّ والعمرة، يدخل تحته من لم يحجَّ، فيقتضي اللَّفظ أنَّه لا يلزمه الإحرام من حيث المفهوم، ولو وجب على الفور، للزمه، أراد الحجَّ أولم يرده، وفيه من الكلام ما في المسألة قبلها.
وقد اختلف العلماء في الحجِّ، هل يجب على الفور، أو التَّراخي؟
فقال الشَّافعي، وأبو يوسف، وطائفة: هو على التَّراخي، إلا أنَّ ينتهي إلى حال يظنُّ فواته لو أخَّره عنها، واستدلوا على قولهم بأنَّ فريضة الحجَّ كانت سنة خمسٍ أو ست أو ثمان من الهجرة -على أقوال في ذلك-، ولم يحجَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا في سنة عشر، فلو كان واجبًا على الفور، لم يؤخره - صلى الله عليه وسلم -.
وقال مالك، وأبو حنيفة، وآخرون: هو على الفور، والله أعلم.
قوله:"وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ" يقتضي أنَّ مَنْ منزلُه بين مكَّة والميقات إذا أنشأ السَّفر للحجِّ أو العمرة، فميقاته منزلُه، ولا يلزمه المسير إلى الميقات المنصوص عليه من هذه المواقيت.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ": يقتضي أنَّ أهل مكَّة يحرمون منها، وهو مخصوص بالإحرام بالحجِّ، فمن كان من أهل مكَّة، أو واردًا إليها، وأراد الإحرام بالحج، فميقاته نفسُ مكَّة، ولا يجوز له ترك مكَّة والإحرام بالحجِّ من خارجها، سواء الحرم والحلّ.
وهذا هو الصَّحيح في مذهب الشَّافعي، وفيه وجه: أنَّه يجوز أنَّ يحرم به من الحرم، كما يجوز من مكَّة؛ لأن حكم الحرم حكم مكَّة، ويجوز أنَّ يحرم من جميع نواحي مكَّة؛ بحيث لا يخرج عن نفس المدينة وسورها.
وفي الأفضل، قولان للشَّافعية؛ أصحُّهما: من باب داره، والثَّاني: من المسجد الحرام، تحت الميزاب.
أمَّا الإحرام بالعمرة، فإنَّه من أدنى الحلّ، والله أعلم.
وأجمع العلماء على أنَّ هذه المواقيت مشروعة، تحرم مجاوزتها، فلو