للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء كان ميقات بلده، أو غيره؛ كأهل الشَّام والجحفة إذا مرُّوا بين يدي هذه المواقيت، ومن لم يمرَّ بين يديها، فإنَّه عامٌّ بالنِّسبة إلى من يمر بميقات آخر أيضًا.

فإن عملنا بالعموم الأوَّل، دخل تحته هذا الشَّاميُّ الَّذي مرَّ بذي الحليفة، فلزم أنَّ يحرم منها، وإن عملنا بالعموم الثَّاني، وهو أنَّ لأهل الشَّام الجحفة، دخل تحته هذا المارّ أيضًا بذي الحليفة، فيكون له التجاوز إليها، فلكلِّ واحد منهما عموم من وجه، فكما يحتمل أنَّ يقال: "وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ أَهْلِهِنَّ" مخصوص بمن ليس ميقاته بين يديه، يحتمل أنَّ يقال: "ولأهل الشَّام الجحفة"، مخصوص بمن لم يمرَّ بشيء من هذه المواقيت.

وقوله: "مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ": يقتضي تخصيص هذا الحكم بالمريد لأحدهما، أو لهما، وأَنَّه إذا لم يرد واحدًا منهما، لا يلزمه الإحرام، وله التَّجاوز غير محرم.

واستدلَّ به على أنَّه لا يلزمه الإحرام لمجرَّد دخول مكَّة، وهو أحد قولي الشَّافعي، فمن لا يريد حجًّا ولا عمرة، أنَّه لا يلزمه الإحرام لدخول مكة، وهو الرَّاجح عند أصحابه.

وهذا الاستدلال أولًا: يتعلَّق بأنَّ المفهوم له عموم؛ من حيث إنَّ مفهومه ألا يريد حجًّا ولا عمرة ولا دخول مكَّة، ومن لا يريد حجًّا ولا عمرة، ويريد دخول مكَّة. وفي عموم المفهوم نظر في الأصول، وعلى تقدير أنَّ يكون له عموم، فإذا دلَّ الدَّليل على دخول مكَّة، وعلى وجود الإحرام لدخول مكَّة، وكان ظاهر الدَّلالة لفظًا، قدّم على هذا المفهوم؛ لأن المقصود بالكلام حكمُ الإحرام بالنِّسبة إلى هذه الأماكن، ولم يقصد به بيان حكم الدَّاخل إلى مكَّة، والعموم إذا لم يقصد به [...]، فدلالته ليست بتلك القوة، إذا ظهر من السِّياق المذكور المقصود من اللَّفظ.

واستدلَّ على أنَّ الحجَّ ليس على الفور؛ لأنَّ من مرَّ بهذه المواقيت لا يريد

<<  <  ج: ص:  >  >>