للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عريضة كبيرة، وقد ورد في فضائلها أحاديث عدة، قد ذكرتها في "النزاع إلى الأوطان"، وإنَّما قيل لها اليمن؛ لأنها يمين الأرض، كما أنَّ الشام شمال الأرض. هذا آخر كلامه، والله أعلم.

وأمَّا يَلَمْلَم: فهو بفتح الياء واللأَمين، والميم ساكنة بينهما، ويقال فيه: ألملم؛ وهو الأصل، والياء بدل منها، وهو على مرحلتين من مكَّة. وقال ابن السيد: يلملم، ويرمرم، باللَّام والرَّاء المكرَّرتين (١).

وأمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هُنَّ لَهُنَّ": الضَّمير في "هنَّ لهنَّ" عائد إلى المواضع والأقطار المذكورات، وهي: المدينة، والشَّام، واليمن، ونجد؛ أي: هذه المواقيت لهذه الأقطار، والمراد: أهلها.

وقد ورد ذكر الأهل في بعض الرِّوايات، وحذفه من باب حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ" يقتضي أنَّه إذا مرَّ بهن من ليس هنَّ ميقاته: أنَّ يحرم منهنَّ ولم يجاوزهنَّ غيرَ محرم؛ كالشَّامي يمرُّ بميقات المدينة ذي الحليفة، فيلزمه الإحرام منها، ولا يتجاوزها إلى الجحفة الَّتي هي ميقاته، وكذا الباقي، وهذا لا خلاف فيه عند الشَّافعية، وأمَّا المالكيَّة، فإنَّهم نصُّوا على أنَّ له مجاوزته إلى الجحفة، ومن أطلق من الشَّافعية أنَّه لا خلاف فيه، فمراده: في مذهبه.

ولا شكَّ أنَّ قوله: "وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ" عامٌّ فيمن أتى عليهنَّ،


(١) انظر: "معجم البلدان" لياقوت (٥/ ٤٤١)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٣٠٦)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٢٩٨)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٣/ ٣٧٣).
قلت: وقد جُمعت مواقيت الإحرام بنظم وهو:
قرن يلملم ذو الحليفة جحفة ... قل ذات عرق كلها ميقات
نجد تهامة والمدينة مغرب ... شرق وهن إلى الهدى مرقاةُ
انظر: "عمدة القاري" للعيني (٩/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>