للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أوّلا قد يتحمّل بعض الشهادات، فلمّا كثر طغيان (٤٢٤) العامّة في بعض المنتصبين لتحمّل الشهادة أعرض عن ذلك تعفّفا وتكرّما كما فعل ذلك سيدي طيّب الشّرفي - رحمه الله -.

وكان ممّن سلم المسلمون من لسانه ويده، كثير الإنجماع في بيته، لا يخرج إلاّ لدرس يقرئه أو زيارة الصالحين والأقربين، وطالت مدّته وضعفت بنيته، وقلّ تناوله للغذاء فصار جلدا ملائما لعظم، فما خرج من الدنيا حتى ترك جميع لذّاتها وزهرتها، وتوجّه لله بقلب سليم، معرضا عن الدنيا وأهلها. (قال فيه تلميذه البارع والأسد الضارع أبي الحسن علي الغراب) - رحمه الله - حيث قال:

[الكامل]

[خذ من فنون العلم (٤٢٥) كلّ عويص (٤٢٦) ... فالعلم يعلي قدر كل رخيص

سيّما البيان فإنه لأجلّها ... قدرا، وأشرفها على التّخصيص (٤٢٧)

إذ كان (٤٢٨) إيضاحا لها وملخّصا ... مفتاح باب السعد في التّلخيص

ولمشكل التنزيل تبيانا وعن ... معناه كشّافا لدى التّنقيص

فاشحذ سهام الفكر في تحصيله ... تكسى من العليا كلّ قميص

وعليه فاحرص (٤٢٩) لا تملّ فإنّه ... لم يحوه في الناس غير حريص (٤٣٠)

واعكف على الكتب (٤٣١) التي منه حوت ... عزّ (٤٣٢) القواعد سيما (٤٣٣) التّلخيص

إذ قد حوى لشواهد (٤٣٤) الفنّ التي ... عنهنّ يغيب فكر كلّ قنيص،


(٤٢٤) في الأصول: «طغى».
(٤٢٥) في الأصول: «فن»، والتصويب من ديوان علي الغراب، الدار التونسية للنشر ١٩٧٣ ص: ١٥٣ اعتمادا على مجمع الدواوين التونسية لمحمد السنوسي.
(٤٢٦) في ط وت: «غويض»، وفي ت: «غوص».
(٤٢٧) في ب: «التحقيص»، وفي ط: «التمقيص»، والتصويب من الديوان.
(٤٢٨) في الأصول: «يزيدان».
(٤٢٩) في الأصول: «وعليها فافرح».
(٤٣٠) في الأصول: «مريص» والتصويب دائما من نفس المرجع.
(٤٣١) في الأصول: «كتب».
(٤٣٢) في الأصول: «على».
(٤٣٣) في الأصول: «لا سيما».
(٤٣٤) في الأصول: «شواهد» والتّصويب من الدّيوان ص: ٥٤.