للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حلّ (٦٢٣) بالنّاس أمر مهمّ من غزو أو دفع عدوّ كان معهم في جهد جهيد، وربّما نشّط من رآى منه كسلا محبّا لجميع المؤمنين، ويظهر التّحنّن والشّفقة عليهم، ويعتقده حتى أهل الكفر لما يرون فيه من عدم التّصنّع والتّلبيس، ظاهره كباطنه، ورؤيته تذكر الله وتشرح القلب المحزون، وتزيد الإيمان بالله ورسوله، ومحبّة في الدّين وأهله عن تجربة، ويلعب مع أطفال المسلمين ولو آذوه، ويحثّهم على اللعب الذي يكون من مبادئ الحرب ويشليهم (٦٢٤) على بعضهم ليدرّبهم على الجهاد ودفع العدوّ وصولته.

وبالجملة فهو حبيب محبّب لجميع الخلق، وكلّ من لقيه أو دخل عليه محلّه حصل له من الفرح والسّرور ما لا يعلمه إلاّ الله.

توفّي والده وهو صغير فكفلته أخته، ويسّر الله رزقه على أيدي أهل الخير ومن النّذور عند شدّة مرض أو تعسّر ولادة أو فقد مسافر، ويكون ذلك موافقا لما قضى الله وقدّر وقوعه من سلامة العاقبة، ومدّة حياته وأهله في سعة رزق ببركته، وكان في ظاهره ممنوعا (٦٢٥) من التدبير والتّصرّف، لم ينتقل عن أخلاق الصبيان فلا يستطيع / تغيير ما تدنّس من أثوابه ولا على إزالة ما تعلّق به من الأوساخ، بل تباشره أخته في جميع ضرورياته كما تباشر الصّبيّ، وقد يباشر ذلك أهل الخير من النّساء والرّجال فيغسلون رجليه ويديه ويقلعون الشّوك من رجليه لأنّه لم ينتعل قطّ، ويرجّلون شعر رأسه لأنّه لم يلبس قلنسوة قطّ، وكلّ من سأله إزالة شيء من شوك رجليه فرح بذلك ولو كان من ذوي الأقدار بل ربّما طلب أهل الخير أن يلوا ذلك منه فيسعفهم بمطلوبهم وحاله في لباس الصّيف حاله في الشّتاء الجبّة الخضراء والقميص. وكان يعود المرضى ويدعو لهم بخير بالإشارة، ويبسط يديه للدّعاء ويمسح بهما وجهه، وإذا قدم النّاس من أسفارهم تلقّاهم وأظهر الفرح والسّرور والإستبشار بسلامة المسلمين، وإذا غنموا زاد فرحا، وإذا سافروا ودعهم ويأخذون خاطره ويطلبون رضاه فيسعفهم بمسؤولهم، وله محبّة خاصة أكيدة في معتقديه ومحبّيه، ويدخل عليهم من غير إستئذان، ولا يحتشم أحد منهم بل يدخل الرّجل فيجده في داره فلا يتغيّر لذلك بل يظهر السّرور به لأنّه ممّن سلم المسلمون من يده ولسانه، وزهد فيما في أيدي النّاس من مال وحريم (الدّار والمدر) (٦٢٦) والنّساء


(٦٢٣) في الأصول: «أحل».
(٦٢٤) في بقية الأصول: «يسليهم».
(٦٢٥) في ط وت: «منهوعا».
(٦٢٦) في بقية الأصول: «الدر والمدر».