للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحجابة واللّواء والنّدوة لبني عبد الدار، وتحالفوا على ذلك، فولى الرّفادة والسّقاية هاشم، وكان عبد شمس مقلاّ ذا ولد، وكان هاشم موسرا، وهو أول من سنّ الرحلتين لقريش، (رحلة الشتاء إلى الشام ورحلة الصيف إلى الحبشة) (١٠٢)، وهو أول من أطعم الثّريد بمكة، واسمه عمرو، فسمّي هاشما لهشمه الخبز وثرده لقومه.

ثم هلك هاشم بغزّة من أرض الشام تاجرا، فولي السّقاية والرّفادة أخوه المطّلب ابن عبد مناف، فكان ذا شرف وكرم، وكان أصغر من عبد شمس، فتوفي المطلب برومان (١٠٣) من أرض اليمن (١٠٤)، وتوفي عبد شمس بمكة، وتوفي نوفل بالعراق.

ثم ولي عبد المطلب بن هاشم السقاية والرفادة بعد عمه المطلب، فأقام لقومه ما كانت تقيمه آباؤه من قبله، وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه، فأحبه قومه وعظم خطره فيهم، وكان أكبر أولاده الحارث، لم يكن له أوّل أمره غيره، وبه كان يكنّى، ثم كثر بنوه حتى بلغوا عشرة، وكان أصغرهم سنّا عبد الله أبو رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان أحبهم لأبيه (١٠٥).

ولنذكر الآن خبر يعرب بن قحطان (١٠٦)، أخي جرهم - المقدم الذكر - فإنه أول من تملّك بالملك والرئاسة بأرض اليمن، لأنه جمع اخوته فاستولى على جميع اليمن سنين / متطاولة وهو أوّل من نطق بالعربية، واول من حيّاه ولده بتحية الملك، أبيت اللعن وأنعمت صباحا (١٠٧)، وذكر السيوطي إن أوّل من كتب بالعربية حرب بن أمية. قيل له: من أين تعلمته؟ قال: من عبد الله بن جدعان، وهو أخذه عن طريق كاتب الوحي هود - عليه السلام - فلما هلك يعرب ملك بعده ابنه يشجب بن يعرب، فملك سنين كثيرة، ثم ملك بعده ابنه عبد شمس، فلما ملك، أكثر الغزو في أقطار الأرض، وسبى خلقا كثيرا، وهو أول من فعل ذلك من ولد قحطان فسمي لذلك سبأ، وهو أول من بنى السّد بأرض مأرب باليمن، وفجر إليه سبعين نهرا، وساق إليه السّيول من مدى بعيد على بعض الأقوال، وقيل بنته بلقيس، وكان فرسخا في فرسخ، وكانت مدة ملكه


(١٠٢) في الأصول: «رحلة الشتاء لليمن ورحلة الصيف للشام» والمثبت من اليعقوبي.
(١٠٣) كذا في الأصول وهو الصحيح. وفي اليعقوبي ١/ ٢٤٦ «بردمان».
(١٠٤) عن هذه الأخبار أنظر اليعقوبي ١/ ٢٤٦ - ٢٤٧.
(١٠٥) انتهى نقله من الإعلام ص: ٤٨.
(١٠٦) عن نسبهم ونسب سلالتهم أنظر اليعقوبي ١/ ١٩٥.
(١٠٧) في اليعقوبي: «أنعم صباحا وأبيت اللعن» ١/ ١٩٥.