للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الملوك والسلاطين. قال التقي الفاسي (٩٨) - رحمه الله -: إن الرّفادة كانت أيّام الجاهلية وصدر الإسلام، واستمرّت إلى أيامنا، وهي الطعام يصنع بأمر السّلطان بمنى للناس حتى ينقضي الحج اهـ‍ (٩٩). وأما الآن فقد انقطع ذلك.

وأما اللّواء (١٠٠) فراية تعقد إلى محاربة عدو، ويجتمعون تحتها، وأما القيادة فإمارة الجيش إذا خرجوا إلى حرب، فاجتمعت هذه كلّها لقصيّ، فلما كبر سنه، وضعف بدنه، قسّمها بين أولاده، وكان عبد الدار أكبر أولاده، وكان عبد مناف شرف في زمن أبيه. فقال قصيّ لعبد الدار: لألحقنّك يا بني بالقوم وإن شرفوا عليك، فأعطاه الحجابة باسلام مفتاح البيت إليه، وقال: لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تفتحها له أنت، وأعطاه السّقاية واللّواء. وقال: لا يشرب أحد إلاّ / من سقايتك، ولا يعقد لواء لقريش لحربها إلاّ أنت بيدك، وجعل له الرّفادة وقال: لا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلاّ من طعامك، وكانت الرّفادة خرجا تخرجه قريش من أموالها في كل موسم، فتدفعه إلى قصيّ، فيصنع به طعاما للحجّاج، فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد، وكان قصيّ فرض ذلك على قريش جميعهم وقال لهم: يا معشر قريش، إنّكم جيران الله وأهل بيته وأهل حرمه، وإن الحجّاج ضيفان الله وزوّار بيته، وهم أحق الاضياف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيّام الحج حتى يصدروا عنكم، فجعل قصيّ كل ما كان بيده من أمر قومه إلى عبد الدّار (١٠١)، وكان قصيّ لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه لعظم شأنه، وعز سلطانه.

قال ابن اسحاق: ثم إن قصيّا هلك فأقام على أمره بنوه من بعده، ثم ان بني عبد مناف: هاشما وعبد شمس والمطّلب ونوفلا، أجمعوا على أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدّار من الحجابة واللّواء والسّقاية والرّفادة، ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم ولفضلهم، وتفرقت قريش، فكانت طائفة منهم يرون أن بني عبد مناف أحق من بني عبد الدار، وطائفة يرون أن إبقاء بني عبد الدار على ما جعله قصيّ لأبيهم أولى / فأجمعوا على الحرب، ثم اصطلحوا على أن تكون السّقاية والرّفادة لبني عبد مناف،


(٩٨) كذا في ت وط، في ش: «العباسي» والمثبت من الإعلام.
(٩٩) الأعلام ص: ٤٦ ووردت هذه الأخبار أيضا في تاريخ اليعقوبي ١/ ٢٤٢.
(١٠٠) يستمر في النقل من الأعلام ص: ٤٦.
(١٠١) في تاريخ اليعقوبي: قسم قصي المهام بين أولاده ولم يجمعها في يد عبد الدّار. فجعل السقاية والرئاسة لعبد مناف، والدار لعبد الدار، والرفادة لعبد العزى، وحافتي الوادي لعبد قصي ١/ ٢٤١.