للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما أصبح حسّان زحف إلى الكاهنة وأقبلت زاحفة إليه، فلقيت أعنة الخيل خالدا وولديها فسلموا عليهم ومضوا بهم إلى حسّان فدخل خالد بن يزيد على حسّان وأخبره بما قالت الكاهنة وأنها وجهت إليه بولديها فأمر بهما حسان فأدخلهما عسكره ووكّل بهما قوما، وقدّم خالد بن يزيد على أعنّة الخيل، فالتقى القوم ووضعوا السلاح ووقع الصبر حتى ظن المسلمون أنه الفناء، فانهزمت الكاهنة وقتلت عند بئر سماه الناس بئر الكاهنة، فنزل حسّان على الموضع الذي قتلت فيه. وقيل إنها قتلت عند طبرقة فعجب الناس من خلقتها، فكانت الأترجة تجري فيما بين عجيزتها (١٨٨) وأكتافها.

ثم إن الروم تحزّبوا على قتال حسّان، واجتمعوا فزحفوا إليه وقاتلوه فهزمهم الله تعالى، فخافه البربر، واستأمنوا إليه، فلم يقبل أمانهم حتى يعطوه من جميع قبائلهم اثنا عشر ألف فارس تكون مع العرب برسم الجهاد، فأجابوه إلى ذلك وأسلموا على يديه، فعقد لولدي الكاهنة بعد اسلامهما لكل واحد منهما ستة آلاف فارس من البربر [وجعله] (١٨٩) واليا عليهم / وأخرجهم مع العرب [يفتتحون افريقية] (١٩٠)، فمن ذلك صارت الخطط بافريقية للبربر، فكان يقسّم الفيء والأراضي بينهم فحسنت طاعتهم له، ودانت له افريقية ودوّن الدّواوين.

ثم قدم القيروان فأمر بتجديد بناء الجامع الأعظم (١٩١) فبناه بناء حسنا وجدّده، وذلك في شهر رمضان المعظم سنة أربع وثمانين من الهجرة (١٩٢). قال في «معالم الإيمان»: «ثم رحل يريد قرطاجنة فانتهى إلى طنبذة (١٩٣) فوجّه أبا صالح مولاه إلى قلعة زغوان (١٩٤) فنزل بموضع يسمى (فحص أبي صالح) (١٩٥) فأقام به شهرا، فقاتل أهلها ثلاثة أيام، فلم يقدر عليهم، فخلّى حسّان عسكره بطنبذة، ثم رحل إلى زغوان في خيل


(١٨٨) في الأصول: «فخذيها» وفي المعالم عجرتها وهو تصحيف والمثبت من الرياض ١/ ٥٦ وفي تاج العروس «العجيزة» هي العجز وتقال للمرأة ٤/ ٤٩.
(١٨٩) إضافة من المعالم ١/ ٦٧.
(١٩٠) إضافة من المعالم ١/ ٦٧.
(١٩١) في المعالم والرياض: «المسجد الجامع».
(١٩٢) سبتمبر ٧٠٣ م.
(١٩٣) في الأصول: «طنبة» وفي أصول المعالم: «طنجة» وفي أصول الرياض: «طبنة»، والإثبات من محقق المعالم استنادا إلى المسالك، أنظر هامش ٣ - ١/ ٦٧. ومن محقق الرياض، هامش ٢٣٣ - ١/ ٥٦. وعن طنبذة أنظر معجم البلدان، والروض المعطار ص: ٣٨٧، وصلة السمط ٤/ ١٤٣.
(١٩٤) في الأصول وفي أصول المعالم: «زعفران» والمثبت من الرياض ١/ ٥٧.
(١٩٥) في الأصول: «يسمى بفحص أبي صالح» وفي المعالم: «بموضع فحص أبي صالح» وفي الرياض: «فسمي فحص أبي صالح» ١/ ٥٧.