للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرزايا، ونحن من الطمأنينة على غاية الأمنية، إن قتلنا فشهداء، وإن عشنا كنا سعداء، {فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ} (٣٤١)، أبعد أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين تطلب منا طاعة؟ لا سمع ولا طاعة، وطلبتم أن نوضح لكم أمرنا قبل أن ينكشف الغطاء، هذا الكلام في نظمه تركيك، وفي سبكه تفكيك، لو كشف لبان بعد البيان، أكفر بعد إيمان أم اتخذتم ربا ثان؟ {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا} (٣٤٢) {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا} (٣٤٣) قل لكاتبك الذي وضع رسالته ووصف مقالته وجعل كتابه كصرير الأبواب أو كطنين الذباب، {كَلاّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا} (٣٤٤).

فلمّا وصل إليه الكتاب غضب غضبا شديدا، إلاّ أن الله حال بينه وبين ما أراد من مصر، فلم يتعدّ منهم أحد جسر يعقوب.

فرجع بعد الفراغ من الشّام على طريقته العوجاء حتى وصل إلى الموصل وهو يمحو آثار الإسلام، ثم توجّه إلى مدينة بغداد، فلمّا سمع السّلطان أحمد (٣٤٥) ذلك استناب مكانه نائبا، ولحق هو إلى سلطان الرّوم بايزيد فأخذ بغداد عنوة يوم عيد الأضحى (٣٤٦)، فتقرّبوا بزعمهم بأن جعل المسلمين قرابين، ثم أمر عسكره بأن يأتيه كلّ واحد منهم برأسين من أهل بغداد، فأتوا بهم وطرحوا أبدانهم في تلك الميادين، وجمع رؤوسهم فبنى منها / مآذن (٣٤٧)، ومن عجز من الجند عن رؤوس الرجال قطع رؤوس النساء والأطفال، ثم خرّب مدينة بغداد بعد أن أخذ ما بها من الأموال، ثم توجّه ناحية قرى باغ ونوى المسير نحو ممالك الرّوم، فراسل سلطانها بايزيد المجاهد الغازي وجعل السّلطان أحمد حاكم بغداد، وقره يوسف حاكم أذربيجان سببا، وذكر أنهما من سطوات سيوفه هربا، فتوجّه نحوه، فكان لا يدخل قرية إلاّ أفسدها، ولا ينزل على مدينة إلاّ بدّدها، فلمّا بلغ السلطان بايزيد (٣٤٨) مجيئه توجّه إلى ملاقاته، فدخل تيمورلنك حدود الرّوم


(٣٤١) في الأصول «ألا إنّ حزب الله. . .» سورة المائدة: ٥٦.
(٣٤٢) سورة مريم: ٨٩.
(٣٤٣) سورة مريم: ٩٠.
(٣٤٤) في الأصول: «فسنكتب. . .» سورة مريم: ٧٩.
(٣٤٥) أحمد جلائر الإشارة السابقة.
(٣٤٦) وقيل أخذها في السابع والعشرين من ذي القعدة ٨٠٣ هـ - ٩ جويلية ١٤٠١، دائرة المعارف الإسلامية ١٠/ ٣٠١.
(٣٤٧) في الأصول: «مياذين».
(٣٤٨) في الأصول: «أبا يزيد» وأثبتناها كما تكتب في النصوص التاريخية وهي تكتب بالوجهين، وقد كتبها المؤلف بايزيد فيما بعد من نصّه.