للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن ينكشف الغطاء وترمي الحرب نارها (٣٣٣) وتلقي أوزارها، ولم تبق لكم باقية، وينادى عليكم منادي الفناء: {هَلْ تُحِسُّ / مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} (٣٣٤)، الآن قد أنصفناكم إذ راسلناكم فردّوا رسلنا بجواب هذا الكلام والسلام».

فلمّا سمع السّلطان هذا اغتاظ غيظا شديدا وأمر بكتب جوابه فكتب بإنشاء ابن فضل الله (٣٣٥) - رحمه الله - ونسخته: «بعد البعدية والاصدار حصل الوقوف على الكتاب مخبر الحضرة السلطانية ما وقفنا عليه، فقولكم: إنا مخلوقون من سخطه مسلّطون على من يحلّ عليه غضبه، وإنكم لا ترقّون لشاك ولا ترحمون عبرة باك وقد نزع الله الرّحمة من قلوبكم فهذا من أكبر عيوبكم، وهذه صفات الشياطين لا صفات السلاطين {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ} (٣٣٦) {لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ} (٣٣٧) فأي كتاب كريم ذكرتم، وعلى لسان أي رسول بعثتم، وبكلّ قبيح وصفتم، وعندنا خبركم من حين خلقتم، وزعمتم أنكم كفرة {فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ} (٣٣٨) من تمسّك بالأصول لن يبالي بالفروع، نحن المؤمنون حقا، القرآن على نبينا أنزل صلّى الله عليه وسلم وهو بنا رحيم لم يزل، إنما النّار لكم خلقت، ولجلودكم أضرمت إذا السماء انفطرت، ومن أعجب العجائب تهديد الرّتوت بالتوت، والسّباع بالضباع، والكماة بالكراع، ونحن خيولنا برقية، وسهامنا يمانية وسيوفنا شديدة المضارب، ذكرها في المشارق والمغارب، إن قتلناكم فنعم البضاعة وإن قتلنا بيننا وبين الجنة ساعة، {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (٣٣٩). وقولكم: قلوبنا كالجبال، وعددنا / كالرمال، فالقصّاب لا يبالي بكثرة الغنم وكثير من الحطب يكفيه قليل من الضّرم {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} (٣٤٠) فالفرار الفرار من المنايا لا


(٣٣٣) في ت بعدها: «وترى شرارها».
(٣٣٤) سورة مريم: ٩٨.
(٣٣٥) ابن فضل الله العمري صاحب «مسالك الأبصار» وهو أحمد بن يحيى الدمشقي (ت ٧٤٩/ ١٣٤٩) كتبه المطبوعة: مسالك عباد الصليب، والتعريف بالمصطلح الشريف في مراسم الملك وما يتعلّق به. أنظر الأعلام لخير الدين الزركلي ١/ ٢٦٨ (ط / ٥).
(٣٣٦) سورة الكافرون: ١.
(٣٣٧) سورة الكافرون: ٢.
(٣٣٨) في الأصول: «ألا لعنة. . .» سورة البقرة: ٨٩.
(٣٣٩) سورة آل عمران: ١٦٩.
(٣٤٠) سورة البقرة آخر الآية ٢٤٩.