للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأطفال، وأطلقوا النار في الجامع والبلد فأحرقت حتى صارت النّار ترمي بشررها، واستمرّ ذلك ثلاثة أيام حتى اندرست رسومها (٣٢٧)، وفي ثالث شعبان ركب تيمورلنك وسار نحو حلب راجعا إلى بلاده، وكانت مدّة إقامته في دمشق أربعة وسبعون يوما، ولم يتوجّه إلى مصر.

وكان قبل هذه المدّة في سنة تسع وتسعين وسبعمائة (٣٢٨) في أيّام الملك الظّاهر سيف الدين برقوق الجركسي حضر في ثلاثة عشر / من صفر (٣٢٩) أربعة رسل من تيمورلنك ومعهم كتابه للسلطان المشار إليه، نسخة الكتاب بعد البسملة الشريفة: {قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ} (٣٣٠) {قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (٣٣١) اعلموا أننا جند الله في أرضه، مخلوقون من سخطه، مسلّطون على من يحلّ به غضبه، لا نرقّ لشاك ولا نرحم عبرة باك، نزع الله الرّحمة من قلوبنا، فالويل كلّ الويل لمن لم يكن من جهتنا، قد حرقنا البلاد ويتّمنا الأولاد، وأظهرنا في الأرض الفساد، خيولنا سوابق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، ملكنا لا يرام، وجارنا لا يظام، من سالمنا سلم، ومن حاربنا ندم، فإن أنتم قبلتم شرطنا واصطلحتم معنا فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أنتم خالفتم وعلى بغيكم تماديتم فلا تلوموا إلاّ أنفسكم، فالحصون لا تمنع والعساكر لا تنفع، ودعاؤكم لا يسمع لأنّكم أكلتم الحرام وضيّعتم الجمع، فابشروا بالمذلّة والهوان {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} (٣٣٢) فقد غلب عندكم أنّا كفرة، وثبت عندنا أنكم فجرة، وقد سلّطنا عليكم الإلاه بأمور مقدّرة وأحكام مدبّرة، فعزيزكم عندنا ذليل، وكثيركم لدينا قليل، وقد أوضحنا لكم الخطاب فأسرعوا بردّ الجواب قبل


(٣٢٧) جاء في دائرة المعارف: «وسقطت مدينة دمشق، فأعمل فيها السّلب واستعبد أهلها، واغتصب من علماءها فتوى «تؤيد مسلكه» الطبعة العربية ١٠/ ٣٠١ ولم يتعرض إليه ابن خلدون الذي أعطانا فكرة أخرى عن تيمورلنك في حسن معاملته له.
(٣٢٨) ١٣٩٦ م.
(٣٢٩) ١٦ نوفمبر.
(٣٣٠) سورة آل عمران: ٢٦.
(٣٣١) سورة الزّمر: الآية ٤٦.
(٣٣٢) سورة الأحقاف: آخر الآية ١٩.