للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأموال، ومعهم فرمان وهو مرسوم (٣٢٢) فيه تسعة أسطر يتضمن الأمان لأهل دمشق خاصّة، فقرئ ذلك على المنبر وفتحوا الباب الصغير، ودخل أمير من أمراء تيمور ثم شرعوا في جباية الأموال التي قرّرها عليهم، وهي ألف ألف دينار، فحملت إليه، فلمّا وضعت بين يديه غضب وأمر بأن يحمل له ألف تومان، والتومان عشرة آلاف دينار، فرجعوا آخذين في جباية الأموال، فتزايد البلاء (٣٢٣).

وفي هذه المدة كلّها لم تقم الجمعة إلاّ مرّة واحدة، وفي أثناء الجباية خرّب ما بين الجامع والقلعة بالنار، وذلك نحو ثلث البلد، ثم سلّمت القلعة بعد تسع وعشرين يوما من الإستيلاء على البلد، وجمعت الأموال التي قرّرها ثانيا (٣٢٤)، وأحضرت بين يديه / فقال لابن مفلح وأصحابه: هذه ثلاثة آلاف دينار ببلادنا، وقد بقي عليكم سبعة آلاف دينار (٣٢٥) وأراكم عجزتم عن الإستخلاص ثم طلب منهم ما تركه العسكر من كلّ شيء ثم طلب جميع ما في البلد من الأموال والدواب وكان عدتها نحو الإثني عشر ألفا، ثم جميع ما فيها من السّلاح، فلمّا انقضى ذلك كلّه أمر باستكتاب خطط دمشق، فكتب بها أوراقا وفرّقها في أمرائه فحينئذ طمت الأمواج فنزل كلّ أمير في خط، وطلب سكان ذلك الخط فكان الرجل يطالب بالمال الثّقيل الذي لا يقدر عليه، فإذا امتنع عوقب بأنواع العذاب ثم تخرج نساؤه وبناته فيوطأن بين يديه، فأقاموا على ذلك تسعة عشر يوما حتى علموا أنّهم قد أتوا على مال البلد، فخرجوا منها ثم صحّ فيهم عذاب الله المنزّل، فهجموا عليهم كالجراد (٣٢٦) المنتشر، فنهبوا ما بقي وسبوا النّساء والشباب والرجال، وألقوا


(٣٢٢) سمّاها ابن خلدون: «رقاع الأمان» نفس المرجع.
(٣٢٣) لخّص ابن خلدون هذا الخبر بقوله: «وخرج القاضي برهان الدين بن مفلح الحنبلي ومعه شيخ الفقراء فأجابهم إلى التأمين، وردّهم باستدعاء الوجوه والقضاة فخرجوا إليه متدلين من السور بما صحبهم من التقدمة، فأحسن لقاءهم وكتب لهم الرقاع بالأمان، وردّهم على أحسن الآمال، واتفقوا معه على فتح المدينة من الغد». ونلمح من نص ابن خلدون ونص مقديش الفرق بين مؤلف مركز وعلمي ومؤلف يميل إلى الملحمة والأسطورة فيبتعد بتأليفه عن الواقع التاريخي. وتدلّى ابن خلدون أيضا وكان لقاؤه مع تيمورلنك التاريخي بصفته القاضي المالكي المغربي كما قدّموه له أنظر كتاب العبر ٧/ ١٢٠٣ - ١٢٢٢.
(٣٢٤) في ط «التي قدرها».
(٣٢٥) في ش وط: «سبعة آلاف ألف دينار».
(٣٢٦) في ت: «كالجراد في بيوتهم».