للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا كلّه والسّلطان طغرلبك المذكور وأخوه داود ليسا معهم، بل كانا في موضعهم من نواحي ما وراء النهر، وجرت بينهما وبين ملك شاه صاحب بخارى وقعة عظيمة قتل فيها خلق كثير من أصحابهما، ودعت حاجتهما إلى اللّحوق بأصحابهما الذين بخراسان فكاتبوا مسعودا وبذلوا له الطّاعة وضمنوا له أخذ خوارزم من صاحبها، فطيب قلوبهم وأفرج عن الرسل الواصلين من جهة ما وراء النّهر وسألوه / أن يفرج عن زعيمهم الذي اعتقله أبوه محمود في أول الأمر، فأجابهم إلى سؤالهم وأنزله من تلك القلعة، وحمله إلى بلخ مقيدا واستأذن مسعودا في مراسلة ابني أخيه طغرلبك وداود (٤٠) المقدم ذكرهما فأذن له، فراسلهما. وحاصل الأمر أنهما وصلا إلى خراسان ومعهما جيش كبير، فاجتمع الجميع، وجرت لهما مع ولات (٤١) خراسان ونواب مسعود في البلاد أسباب وخلاصة الأمر أنهم استظهروا عليهم وظفروا بهم، وأول شيء ملكوه من البلاد طوس، وقيل الري، وكان تملكهم في سنة تسع وعشرين وأربعمائة (٤٢)، ثم بعد ذلك بقليل ملكوا نيسابور، احدى قواعد خراسان في شهر رمضان (٤٣) من السنة المذكورة، وكان السّلطان طغرلبك كبيرهم، واليه الأمر والنّهي في السّلطنة، وأخذ أخوه داود (٤٠) مدينة بلخ، وهو والد ألب أرسلان، واتّسع لهم الملك [واقتسموا البلاد] (٤٤) وانحاز مسعود إلى غزنة وتلك النواحي، وكانوا يخطبون له في أول الأمر، ثم عظم شأنهم إلى أن بعث لهم الامام القائم بأمر الله رسولا وهو القاضي أبا الحسين علي بن محمد بن حبيب الماوردي (٤٥)، وأوصاهم بتقوى الله العظيم، والعدل في الرعية والرفق بهم وبث الاحسان إلى النّاس.

وكان طغرلبك حليما كريما محافظا على الصلوات الخمس في أقاتها جماعة، ويصوم الخميس والاثنين ويكثر الصدقات ويبني المساجد، ويقول: أستحي من الله أن أبني لي دارا ولا أبني إلى جانبها مسجدا.


(٤٠) كتبها المؤلف بواوين ويصح ذلك وقد اتبعنا الرسم المألوف.
(٤١) في الأصول: «ملوك» والمثبت من الوفيات ٥/ ٦٥.
(٤٢) ١٠٣٧ - ١٠٣٨ م.
(٤٣) جوان.
(٤٤) اضافة من الوفيات ٥/ ٦٦.
(٤٥) مصنف «الحاوي» انظر ترجمته في الوفيات ٣/ ٢٨٢.