للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا تمهّدت له البلاد وملك العراق / وبغداد، سيّر إلى الامام القائم يخطب ابنته، فشق ذلك على القائم واستعفى منه، وتردّدت الرسل بينهما سنة ثلاث وخمسين [وأربعمائة] (٤٦)، فلم يجد من ذلك بدّا فزوجه بها، وعقد العقد بظاهر مدينة تبريز، ثم توجّه إلى بغداد سنة خمس وخمسين وأربعمائة (٤٧) ولمّا دخلها طلب الزّفاف وحمل مائة ألف دينار برسم حمل القماش فزفّت إليه ليلة الاثنين خامس عشر صفر (٤٨) بدار المملكة، وجلست على سرير ملبّس بالذّهب، ودخل السّلطان إليها وقبل الأرض بين يديها ولم يكشف البرقع عن وجهها وقدم لها تحفا يقصر الوصف عن ضبطها، وقبل الأرض وخدم وانصرف وظهر عليه سرور عظيم. ابن خلكان (٤٩).

وبالجملة فأخبار الدّولة السلجوقية كثيرة، وقد اعتنى بها جماعة من المؤرخين فألفوا فيها تآليف كثيرة اشتملت على تفاصيل أمرهم وما قصدت (٥٠) من الاتيان بهذه النبذة الا التنبيه على مبدإ حالهم، ليكشف جلية ذلك من يروم الوقوف عليه.

وتوفي طغرلبك يوم الجمعة ثامن شهر رمضان سنة خمس وخمسين وأربعمائة (٤٧) بالرّي، وعمره سبعون سنة، ونقل إلى مرو ودفن عند قبر أخيه داود وقيل غير ذلك (٥١).

ولمّا حضرته الوفاة قال: انّما مثلي مثل شاة شدّت قوائمها لجزّ الصّوف، فتظنّ أنها تذبح فتضطرب حتى اذا أطلقت فرحت، ثم تشدّ للذبح فتظنّ أنه لجزّ الصوف فتسكن فتذبح وهذا المرض الذي أنا فيه هو شدّ القوائم للذبح، فمات منه - رحمه الله - ولم تقم بنت الامام القائم في صحبته / الا قدر ستة أشهر، ولم يخلّف ولدا ذكرا بل انتقل ملكه لابن أخيه ألب أرسلان، وماتت زوجته بنت الامام القائم في سنة ست وتسعين وأربعمائة (٥٢) سادس محرم.

وطغرلبك: بضم الطاء المهملة وسكون العين المعجمة وضم الراء وسكون اللام وفتح


(٤٦) ١٠٦١ م.
(٤٧) ١٠٦٣ م.
(٤٨) وفي الأصول: «رجب» والمثبت من الوفيات.١٧ فيفري.
(٤٩) الوفيات ٥/ ٦٧.
(٥٠) ابن خلكان هو الذي يتكلم ٥/ ٦٧.
(٥١) قال ابن خلكان: «وقال ابن الهمداني في تاريخه إنه دفن بالري في تربة هناك. وكذا قال السمعاني في «الذيل» في ترجمة السلطان سنجر.
(٥٢) في الأصول: «ست وخمسين» والمثبت من الوفيات الذي ينقل عنه المؤلف ٢٠ اكتوبر ١١٠٢ م.