كتاب نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار

الباب الثالث في ذكر ثوار افريقية على الموحدين - ثورة بني غانية - ج: 1 - ص: 505

الموحدين، والدّعوى لبني العبّاس، وسعوا جميعا في فساد البلاد، وهلاك العباد، وكانوا يلتقون في كثير من الحروب وبينهم معاونة ومصالحة. وأصل قراقوش (*) هذا وسبب دخوله من المشرق إلى المغرب «أن صلاح الدّين (٢٥) يوسف بن أيوب - المقدّم الذكر - كان حصل بينه وبين نور الدّين بعد تسلطنه بمصر وحشة خاف بسببها أن ينتزعها منه نور الدّين فاحتاط لنفسه وبنى [على] (٢٦) الدفاع لنفسه أمامه ان وصل، وذلك سنة ثمان وستين وخمسمائة (٢٧)، فانقسم أمره بين بلاد اليمن وبلاد المغرب فقال له أخوه تورانشاه (٢٨) بن أيوب: أنا أتوجّه إلى اليمن، [وأستفتحها وأعيدها لك ان احتجت إليها] (٢٩) فتجهز إليها (٣٠) في السنة المذكورة وافتتحها في السنة التي بعدها، وقال له الملك المظفر تقي الدّين ابن أخيه شاهنشاه بن أيّوب: أنا أتوجّه إلى المغرب فأفعل مثل ذلك، فاشتغل تقي الدّين بالنّظر في حركته ثم انه زهد في بلاد المغرب وعرف ما بينه وبين افريقية من العربان والمهالك فاستعفى من ذلك.

وقد كان سرى خبر تغريبه إلى جمع من خواصّه وجنده فاستشرفوا (٣١) لذلك وبنوا عليه، فلمّا امتنع (٣٢) تقي الدّين من التغريب فرّ مملوكه شرف الدّين قراقش الأرمني (٣٣) بطائفة من قومه وابراهيم بن قراتكين (٣٤) بطائفة أخرى، وكان سلاح دار (٣٥) الملك المعظّم شمس الدولة أخي صلاح الدّين، الاّ أنه كان في أجناد / تقي الدّين فجاز المذكوران بمن معهما إلى المغرب، ولمّا جازا العقبة رأيا أن يفترقا لينفرد كل واحد بما قدر له من الملك والرئاسة (٣٦)، فأما ابراهيم (٣٧) بن قراتكين فانه سار بجمعه ووقع في

---

(*) كذا في الأصول وفي كتاب العبر ٦/ ٣٩٤، وفي رحلة التجاني «قراقوش» وهو الرسم الشائع وثم من يكتبها «قرقوش» مثلا: ليبيا لأتوري روسي المصدر السابق ص: ٩٤.
(٢٥) رحلة التجاني ص: ١١١ - ١١٢.
(٢٦) اضافة من الرحلة.
(٢٧) ١١٧٢ - ١١٧٣ م.
(٢٨) في الأصول: «تور شاه» والمثبت من رحلة التجاني ص: ١١٢ والكامل لابن الأثير ١١/ ٣٤٧.
(٢٩) اضافة من الرحلة يقتضيها التوضيح.
(٣٠) في الأصول: «إليه».
(٣١) في الرحلة: «فاشرأبوا».
(٣٢) كذا في ط والرحلة، وفي ش: «اتقى».
(٣٣) في الأصول: «أرميني».
(٣٤) في الأصول وفي نسخة من رحلة التجاني أشار إليها المحقق «ابن فراتكين» والمثبت من رحلة التجاني النص المحقق ص: ١١٢ وتاريخ ابن خلدون ٦/ ٣٩٧.
(٣٥) في الرحلة: «سلاح دار المعظمى وهو منسوب إلى الملك المعظم» ص: ١١٢.
(٣٦) رحلة التجاني ١١٢.
(٣٧) رحلة التجاني ١١٤.