للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصبة يريد تلمسان ومعه ابنه الأمير أبو زكرياء وعامة أهل بجاية يتّبعونه، فخرج أهل بجاية في طلبه فأدركوه في جبل بني غبرين وقد سقط عن فرسه ودقت فخذه، ونجا ابنه الأمير أبو زكرياء إلى تلمسان، وكان له بها أخت في عصمة والي تلمسان عثمان بن يغمراسن بن زيّان، فأكرمه ورحّب به، وأخذ الأمير أبو اسحاق وردّ إلى بجاية فدخلها راكبا على بغل عليه برذعة وألقوه بدار بحومة ساباط الأموي (١١٧) ببجاية إلى أن أرسل الدّعي في قتله محمد بن عيسى بن داود الهنتاتي، فقتله يوم الخميس السابع والعشرين (١١٨) ربيع الأول عام اثنين وثمانين وستمائة (١١٩). ثم رفع رأسه إلى تونس وطيف به (١٢٠) على عصا في الأسواق، والسفهاء يضحكون والنساء تولول، وفي ذلك عبرة لأولي الأبصار.

ويوم الخميس ثاني صفر من السنة المذكورة خرج الدّعي مسافرا يريد قتل الأمير أبي حفص لأنه ظهر عند العرب وعظم سلطانه / في البلاد، واجتمع عليه خلق كثير لكون الدّعي أساء في العرب وقتل منهم، فسمعوا بالأمير أبي حفص في قلعة سنان، فرحلوا اليه وأتوه بيعتهم في ربيع الأول من السنة المذكورة، وجمعوا له شيئا من الآلات والأخبية، وقام بأمره أبو اللّيل بن أحمد شيخهم، وبلغ الخبر الدّعي فخرج من تونس يريد القتال، فأرجف أهل عسكره ومالت نفوسهم إلى الأمير أبي حفص، فلما تبيّن الدّعي ذلك رجع إلى تونس رجوع منهزم، وذلك يوم الخميس الخامس والعشرين من ربيع الأول من سنة ثلاث وثمانين وستمائة (١٢١) وطوى الأمير أبو حفص البلاد إلى أن نزل قريبا من تونس بسبخة سيجوم، فخرج اليه الموحّدون والجند وقاتلوه أياما كثيرة ولم يظفروا منه بشيء، ونهب العرب البلاد إلى أن خرج الدّعي يوم الأحد الثاني والعشرين لربيع الآخر من السنة المذكورة، فأقام برهة بذيل السّبخة، فلما علم بهلاكه فرّ بنفسه رغبة في الحياة، واختفى في دار بمقربة من الصفّارين بتونس عند رجل فرّان أندلسي ليلة الإثنين الثالث والعشرين لربيع الآخر من السنة المذكورة، فكانت دولة الدّعي بتونس سنة وخمسة أشهر وسبعة وعشرين يوما، وأقام الدّعي بتلك الدّار سبعة أيام إلى أن دخلت


(١١٧) في الأصول: «الأصولي» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ٤٩.
(١١٨) في الأصول: «تاسع عشر» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ٤٩.
(١١٩) ٢٥ جوان ١٢٨٣ م.
(١٢٠) في الأصول: «بها».
(١٢١) ١١ جوان ١٢٨٤ م.