للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما مهّد السّلطان أحمد البلاد، وتمكن ملكه بتونس انتزع ما بأيدي العرب من الأمصار فأهمّهم ذلك، وتنكّر منصور بن حمزة شيخ [بني] (٢٩١) كعب وأولاد أبي اللّيل، فنزع يده من الطّاعة، وتابعه، على الخروج من طاعة السّلطان أبو صعنونة أحمد بن محمد بن عبد الله بن مسكين شيخ حكيم، وارتحل إلى الذواودة صريخا بالأمير أبي يحيى زكرياء ابن المولى السّلطان أبي يحيى، فبايعوه ورحل معهم إلى تونس، ولقي منصور بن حمزة بمن معه فبايعوه، وأوفدوا مشيختهم على يحيى بن يملول يستحثونة للطّاعة فبايعوا له، وبعث السّلطان أخاه زكرياء بعسكر فالتقوا فانهزم عسكره، ونزل العرب على تونس بسلطانهم، ونمي إلى السّلطان أن حاجبه أبا عبد الله محمد بن أبي محمد ابن تافراجين داخل العرب في أخذ تونس، فقبض عليه وأشخصه في البحر إلى قسنطينة، فلم يزل بها معتقلا إلى أن هلك، ثم أن العرب عاودوا الطاعة إلى السّلطان أحمد ونبذوا طاعة سلطانهم.

وفي سنة خمس وسبعين وسبعمائة (٢٩٢)، تولى الملك بفاس أبو العباس أحمد ابن الأمير أبي سالم المريني، فقبض على أبي عبد الله ابن الخطيب الأندلسي لما كان أوصاه ابن الأحمر (صاحب الأندلس، فأودعه السجن، ثم قدم رسول (٢٩٣) ابن الأحمر) (٢٩٤) يهنّيه بالملك، فقتل ابن الخطيب / بمحبسه خنقا. وكان ابن الخطيب كاتبا بليغا أديبا مؤرخا جيد النظم عارفا بالنجوم (٢٩٥) وأحكامها، سمعت بعض الشيوخ يحكي أن من نظمه في اليوم الذي قتل فيه:

[منسرح]

قف كي ترى مغرب شمس الضّحى ... بين صلاة العصر والمغرب

واسترحم الله قتيلا بها ... كان وحيد العصر في المغرب

وفي سنة احدى وثمانين وسبعمائة (٢٩٦)، تولّى قضاء الجماعة بتونس الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن البلوي القطّان من أهل سوسة بعد ما كان الشّيخ ابن عرفة دلّهم عليه، فقال السّلطان: «ما تأتي بقاض من القرى حتى تكون تونس قد خلت ممّن يصلح»، وولّوا ذلك محمد بن خلف النّفطي، لكن ما قضاه الله يكون. {وَاللهُ}


(٢٩١) اتمام من تاريخ الدولتين ص: ١٠٧.
(٢٩٢) ١٣٧٣ - ١٣٧٤ م.
(٢٩٣) في ش: «رسل».
(٢٩٤) ما بين القوسين ساقط من ط.
(٢٩٥) في تاريخ الدولتين: «النجامة».
(٢٩٦) ١٣٧٩ - ١٣٨٠ م.