للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتملّكها، ففرحت به البلاد، وقال لهم: إنما حملني على أمري هذا حماية الدّين، ورأيت ما حل بكم أولا فقلت: لعلي نتدارك الأمة» (٤٦٠).

وقيل إن الحسن لما خرج لقتال القيروان خلّف في تونس ولده أحمد، ويقال له مولاي «حميدة»، فلما أبعد الحسن قام أهل البلد فأتوا حميدة وقالوا: لا يخفى عليك ما حلّ بنا من شؤم أبيك، فإن كان لك حاجة بالملك فقم نبايعك وإلاّ دعونا عمك عبد المؤمن نبايعه، فلما رأى منهم الجدّ، رضي بذلك / فبايعوه وقلّدوه الأمر، ولما بلغ الحسن ذلك الأمر ترك حرب ابن أبي الطّيب (٤٦١) بالقيروان، وركب (٤٦٢) البحر وعاد إلى اسبانية ثانية، وأتى بعمارة عظيمة، فبينما الناس في ما هم فيه اذا بالحسن ورد بالعمارة، ونزل البر، فتوجهوا للجهاد، ونادى منادي الأمير أحمد: إن من يأتيني برأس أو أسير فله مائة دينار، وجلس عند باب القصبة، وأظهر لهم المال، وحرّض المؤمنين على الجهاد، فخرج أهل الربضين والتقوا بالنّصارى، والحسن الذي جاء معهم وهو في وسطهم، وكان الملتقى في محل يعرف بخربة الكلخ، وامتدت العساكر إلى سانية العنّاب، وكان سيدي علي المحجوب من أحفاد سيدي طاهر المزوغي - نفعنا الله بهما - حاضرا واقفا بكدية القيروان، فأخذ قبضة من تراب وقرأ عليها حزب البحر، ورمى بها في وجوه العدو، فانهزم الكفار وأعزّ الله الاسلام بنصره، وفرّ الحسن إلى شكلى (٤٦٣) وهي الجزيرة التي بوسط البحيرة (٤٦٤)، فتبعه أبو الهول - رجل من المسلمين - وأخرجه ملوثا بحمأة (٤٦٥) البحر وكساه برنسا، وجيء به لابنه أحمد فوبّخه وسجنه، وطلب أهل تونس قتله، فأشار بعض أرباب دولة ولده أن يكحّل عيون الحسن بالنّار ليكفّ بصره، ففعل به ذلك، واستأذن ولده في الزّيارة، فكان يخرج أحيانا إلى أن زار قبر الأستاذ سيدي أبي القاسم الجليزي (٤٦٦)،


(٤٦٠) المؤنس ص: ١٦٥ - ١٦٦.
(٤٦١) في الأصول: «ابن الخطيب» والتصويب من المؤنس ص: ١٦٢.
(٤٦٢) النقل من المؤنس ص: ١٦٥.
(٤٦٣) في الأصول: «شكلة» وجزيرة شكلى الآن خربة قرب بحيرة تونس.
(٤٦٤) بحيرة تونس كما أشرنا.
(٤٦٥) في المؤنس: «الغرم».
(٤٦٦) كذا كتبها ابن أبي دينار ومارسي (Marcais) وكتبها عبد العزيز الدولاتلي «الزليجي» وهكذا يجب أن تكتب ان نسبناه إلى صنعة الزليج التي كان يحذقها. وحسب نقيشة داخل قبة زاويته هو «أبو الفضل قاسم أحمد =