للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّعيدة وأيامه الغرّ الحميدة، وقعت فتوحات عديدة عظيمة، فمن أشهرها وأعظمها فتح حلق الوادي بمدينة تونس تخت سلطنة إفريقية بعد إستيلاء الكفرة اللئام عليها، ولنفرد هذا الفتح بباب لأنه المقصود الأعظم.

ومنها فتح جزيرة قبرس بالسين المهملة (٥٠٧) /. قال في القاموس في باب السّين:

قبرس جزيرة عظيمة للرّوم توفّت بها أمّ حرام (٥٠٨) بنت ملحان اهـ‍. وهي (٥٠٩) من البحر الشامي كبيرة القطر، مقدارها مسيرة ستة عشر يوما، وبها قرى ومزارع وأشجار كثيرة ومواش، وفيها معدن الزّاج القبرسي، ومنها يجلب إلى سائر الأقطار، وبها ثلاث مدن، ومن قبرس إلى طرابلس الشام مجريان في البحر، وبينها وبين ساحل مصر خمسة أيام، ورخاء قبرس شامل وخيراتها كاملة على ممر الأيام، وإنّما سميت بهذا الإسم أخذا من إسم وثن (٥١٠) هناك يسمى قابرس (٥١١) كان يعظّمه الكفّار، ويعظّمون لأجله هذه الجزيرة، وأهل قبرس موصوفون بالغناء واليسار، وبها معادن الصفر، ويجمع منها اللاّذن (٥١٢) الحسن الرائحة الّذي يغلب العود [في] طيبه إذا جمع من فوق شجره (٥١٣) خاصة فيحمل إلى سلطان القسطنطينيّة لأفضليته، وما تساقط منه على وجه الأرض يباع للناس.

وكانت أمّ حرام (٥١٤) بنت ملحان الصّحابية - رضي الله تعالى عنها - شهدت غزوة قبرس فتوفّيت بها، فأهل قبرس يتبرّكون بقبرها، ويقولون: هو قبر المرأة الصّالحة، كانت سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين سمعته يقول: «يركب ثبج هذا البحر أناس من أمّتي ملوكا على الأسرّة»، الدّعاء أن يجعلها منهم، فدعا لها، وهو حديث معروف أخرجه رجال الصّحيح (٥١٥).


(٥٠٧) هكذا كتبها الحموي والحميري وغيرهما.
(٥٠٨) كذا في ش وب والإعلام ص: ٣٥٩ والرّوض المعطار، وفي ط وت: «حزام».
(٥٠٩) النّقل فيما يتعلق بقبرس عن الإعلام للنّهروالي ص: ٣٥٨ والنّهروالي ناقل عن الرّوض المعطار للحميري، والحميري ناقل عن نزهة المشتاق للإدريسي ص: ٤٥٣ - ٤٥٤.
(٥١٠) في الأصول: «دير» والتّصويب من الإعلام ص: ٣٥٨ والرّوض المعطار ص: ٤٥٤.
(٥١١) في الأصول: «قابوس» والتّصويب من نفس المرجعين.
(٥١٢) في الإعلام: «اللاّدن».
(٥١٣) في الإعلام ص: ٣٥٩: «الّذي يغلب العود في طيبه وهو الّذي يجمع منه على الشجر خاصة».
(٥١٤) كذا في ش وب، وفي ط وت: «حزام».
(٥١٥) أخرجه الشّيخان والإمام مالك في الموطّأ والترمذي وأبو داود والنسائي، وفيه اختلاف قليل في الألفاظ، وهو حديث طويل وله قصّة اقتصر المؤلّف على محلّ الحاجة منه.