للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي سنة خمس عشرة وألف (٣٠) عركوا جبل وسلات، وكذلك (٣١) الحملاجي باب عجم.

ولمّا خرج صفر داي انفرد عثمان داي فهابه الرّجال وهربوا لأطراف البلاد خوفا من بطشه وبوادره، فهو أوّل داي إنفرد بالكلمة في سنة سبع وألف (٣٢)، فباشر الولاية بجأش متين وربّما باشر الأمر (٣٣) بنفسه وأحاط البلاد (٣٤) خارجا وداخلا، وربّما سمع بالرجل في الغابة فيخرج بجماعة حتّى يظفر به، وكان أصحاب البساتين قبل تولّيه إذا طابت غلاتهم طلبوا من الدّيوان من يحرسهم خوفا من وارد ولص ينهب غلاّتهم، فيعيّنون لكلّ مكان حفظة (٣٥)، ويجعلون لهم جعلا على حفظهم فأبطل عثمان داي تلك العوايد، وصار يحرسهم بعنايته لخوف العادين والسّرّاق منه، وجعل تلك العادة يأخذها الساقجي (٣٦) من الباعة الّذين يدورون على كلّ واحد فلسان، ولمّا تمّ أمره أرادوا قتله مرارا فلم يتمّ لعدوّه ذلك، ونفى أهل جربة القاطنين بتونس لأنّهم كانوا إذ ذاك تحت حكم طرابلس (٣٧) / فأجلاهم من تونس، وكثرت في أيامه غنائم البحر، وظهر في أيّامه صيت محمد باي إبن حسين (٣٨) باشا، فكان قبطان البحر بغلائطه فأتى بعدة غنائم، فكان عثمان داي إذا جاءته الغنائم طلع لحلق الوادي فيبيع الغنيمة كلّها من التّجّار فيربحون ربحا عظيما، وجاء في أيّامه دالي (٣٩) قبطان من برّ النّصارى وحاصر مراكب حلق


(٣٠) ١٦٠٦ م.
(٣١) في الأصول: «وكان».
(٣٢) في الأصول: «سنة سبع عشرة وألف»، والتّصويب كما أشرنا.
(٣٣) كذا في ط، وفي ش وت: «الأمير».
(٣٤) عاد إلى النّقل من المؤنس.
(٣٥) في المؤنس: «ساقجيا» ص: ٢٠٢ والساقجي هو حارس الغابة.
(٣٦) في الأصول: «السقجي»، والتّصويب من المؤنس.
(٣٧) كانت جربة في منتصف القرن السّادس عشر محلّ صراع بين الإسبان والأتراك لأهميتها الإستراتيجية، وعملت كلّ قوة على أخذها، وفي آخر جولة إحتلها درغوث باشا وجيالي باشا في سنة ٩٦٨/ ١٥٦٠ إثر معركة شهيرة جالها ضدّ المسيحيين الّذين كان يقودهم نائب الملك بصقلية جان دي لاسردا (Jean de la Cerde) وألحقت إلى إمارة طرابلس التّابعة إذ ذاك للسّلطنة العثمانيّة، وبقيت تابعة لهذه الإمارة إلى ما بعد دخول العثمانيين إلى تونس والحاقها بالسّلطنة العثمانيّة مدّة طويلة، أنظر على سبيل المثال ليبيا لأتوري روسي ١٨٨ - ١٨٩ والأتراك العثمانيون في شمال إفريقيا لعزيز سامح ص: ٥٥ - ٨١.
(٣٨) أنظر خبره في الإتحاف ٢/ ٢٩ والمؤنس ص: ٢٠٤.
(٣٩) في المؤنس: «دال».