للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوادي، ومنعهم من الخروج فخادعه عثمان داي إلى أن ظفر به وأسره فسجنه بالقصبة إلى أن مات بها.

وفي سنة سبع عشرة وألف (٤٠) قتل عثمان داي محمد باي إبن حسين باشا خوفا من قيامه مقامه، وكان عمره يوم موته ثمانيا وعشرين سنة، وكانت فيه شهامة شديدة ونكاية لعدوّ الدّين - رحمه الله تعالى -.

وفي هذه السّنة والّتي تليها جاء أهل الأندلس حين أخرجهم السبنيور (٤١) لمّا تقوّوا عليهم، وكانوا أوّلا بالخيار في البقاء والخروج فأوسع لهم عثمان داي في البلاد مع كثرتهم، وفرّق ضعفاءهم على النّاس وأذن لهم أن يعمّروا حيث شاءوا فانتشروا في البلاد وبنوا فيها، واستوطنوا عدّة أماكن فأنشؤوا بلاد سليمان وبلّي ونيانو وقرنبالية وتركي والجديدة وزغوان وطبربة وقريش الواد ومجاز الباب والسلوقية (٤٢) وتستور وبلاد العالية والقلعة وغيرها مما يزيد على عشرين بلدا (٤٣)، فصارت لهم مدن عظيمة / وغرسوا التّين والعنب والزّيتون وأكثروا البساتين ومهّدوا الطرقات (٤٤) للمسافرين بالكرارط (٤٥) وغيرها (٤٦) وصاروا يعدّون من أهل البلاد، وسكن طائفة منهم بتونس، فصاروا من أعيانها، وتخلّق أهل تونس بأخلاقهم.

وبنى عثمان داي قنطرة مجردة على ثنيّة بنزرت سنة سبع عشرة وألف.

وفي سنة ثمان عشرة وألف (٤٧) عركوا بلاد أركو والحملاجي باب عجم، وعركوا مطماطة ثلاثة أيام، والحملاجي درويش الطّويل.

وتوفي عثمان داي - رحمه الله تعالى - يوم سبعة عشر من شوّال من سنة تسع عشرة وألف (٤٨)، ودفن بتربة الشّيخ سيدي أحمد بن عروس - رحمه الله -.


(٤٠) ١٦٠٨ - ١٦٠٩ م.
(٤١) الاسبان.
(٤٢) ساقطة من ش.
(٤٣) جلّ هذه البلدان كانت موجودة من قبل، وإنّما استوطنوها وعمّروها وكبرت عمّا كانت عليه.
(٤٤) في ش: «الطرقاة».
(٤٥) في المؤنس: «الكراريط» ج كريطة، وفي الإتحاف: عربات مجرورة لها عجلتان من الخشب مصفّحتان بالحديد.
(٤٦) إنتهى نقله من المؤنس.
(٤٧) ١٦٠٩ م.
(٤٨) ٢ جانفي ١٦١٠ م.